الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
16 - صفر - 1430 هـ
11 - 02 - 2009 مـ
12:57 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القرى)
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://albushra-islamia.net/showthread.php?p=1000
_____________
أخي الكريم إليك الجَواب بالحقّ ..
بِسْمِ الله الرّحمن الرّحيم، وسَلامٌ على المُرسَلِين، والحمدُ لله ربّ العالَمين، وبعد..
أخي الكريم إليك الجَواب بالحقّ:
سـ 1: قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ ۗ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:282]، كيف نتّقي الله ليُعلِّمنا مِن عِلمه؟
جـ 1: فانظر أخي الكريم إلى أمرِ الشيطان قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة]. إذَا الإنسان المسلم اتّقى ربّه؛ فإن واجهَته آياتٌ لا يَعلمُ تأويلَها أو أيُّ مسألةٍ في الدِّين لا يَعلمُ تأويلها وأُحرِجَ فيها وقال: "الله أعلم" فهو اتّقى الله أن يقول عليه ما لم يَعلم عِلمَ اليَقين، ومِن ثمّ يأتيه وحيُ التّفهيم مِن ربّ العالَمين إلى قلبِه مُباشرةً فيُعلّمه بسُلطان العِلم لتِلك الآية مِن ذاتِ القرآن، أو يَعثُر على عِلمٍ مُقنِعٍ لأحد عُلماء الأمّة، ومِن ثمّ يَعلمُ تأويلها عِلمَ اليَقين، ويُعلِّمُها مِن بعد ذلك للعالَمين، فذلك مِن الذين أنعَم الله عليهم مِن ذُرّيَّة آدم مع الأنبياء والصِّدّيقين والشُّهداء وحَسُنَ أولئك رفيقًا، وذلك لأنّه عَصى أمرَ الشيطان أن يقولَ على الله ما لا يَعلَم، ثمّ أطاع أمْرَ الله ولم يَقُل على الله ما لم يَعلَم، فهو اتّقى الله، وحقٌّ على الله أن يُعلِّمَه بوَحي التّفهيم، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ ۗ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم.
سـ 2: ما هي الصلاة؟ وما السرّ فيها وفي أوقاتها؟ وكيف تؤدّى الصلاة لتكون كاملةً غير منقوصةٍ؟ ولماذا وإلى أين توصلنا الصلاة؟ ولماذا هي بهذه الطريقة؟
جـ 2: أخي الكريم اعلَم أنّ الصّلاة صِلةٌ بين العبد والمَعبود ربّ العالَمين، وهي تَعبيرٌ للخُضوعِ والخُشوعِ بين يَدي الربّ، فيَضعُ وجهَه على الأرض تَواضُعًا وخُضوعًا لربّه، فيقول: "سُبحان ربّي الأعلى وبِحَمدِه"، وفي هذه اللّحظة في السُّجود يكون العبد هو أقربَ ما يكون إلى ربّه، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} صدق الله العظيم [العلق:19]، وأمّا الذين يَستَكبِرون على ربّهم ولم يَسجُدوا له على الأرض؛ فأولئك سوف يَدخُلون جهنَّم داخِرين صاغِرين، تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} صدق الله العظيم [غافر:60]. وأمّا أوقاتها فهي مُقدّرة تقديرًا مِن ربّ العالَمين، لكي نستطيع أن نُقسِّم وقتنا بين عِبادة الله بالسُّجود والدُّعاء، وبين عِبادة الله بالعمَل لكسْبِ أرزاقِنا، والله يُقدّر الليل والنّهار، وجعلَ الله لها مِيقاتًا مَعلومًا إلا صلاة القصر في السَّفر، تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} صدق الله العظيم [النساء:103].
وبما أنّ الصّلاة هي الصِّلة والعلاقة المُستَمِرَّة ما دُمتَ حيًّا؛ فلا تُرفَعُ عنك حتى تُصَلِّي بالإشارة ثُمّ تلفِظ روحَك، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} صدق الله العظيم [مريم:31].
وكذلك لها فائدة بدنيّةٌ، فهي رياضةٌ للبدَن وطهَارةٌ للقلب وقُربةٌ إلى الربّ.
وأمّا كيف تُؤدِّيها؟ فصَلِّ كما رأيتَ أهلّ السُّنة يُصَلّون فهم خيرُ مَن التَزَمَ بالصّلاة وضَوابِطها، غير أنّهم تَمسَّكوا بالسُّنة بِشَكلٍ عامٍّ دونَ أن يُقارِنوها مع مُحكَم القرآن، فأضلّتهم الرِّوايات الباطلة في عقائِد أخرى والأخذِ ممّا لدَيهِم في صَلاتِهم، وأُنكِرُ على الذين أنكَروا صَلاة الجمعة المُباركة وحِسابُهم على ربّهم.
وأمّا إلى أين تذهبُ بنا الصّلواتُ؟ فأقول لك إنّها تَذهبُ بك إلى سَبيل ربّك ورضوانه، وإنّ ربّك على صِراطٍ مُستقيمٍ، فإذا مُتَّ وأنت مُحافِظٌ عليها فهي تُدخِلُك الجنّة فورَ مَوتِك، وأمّا الذين يُقاطِعون الصّلوات؛ فلا صِلة لهم بربّهم وسوف يُدخِلهم نارَه، وقال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿٤٢﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [المدثر].
وقال محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر]، بمعنى أنّه صار مِن الكفّار ومَصيره مَصيرُهم في النّار.
وقال محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: [الصلاة عمود الدين مَن أقامها فقد أقام الدين ومَن هدمها فقد هدم الدين] صدق عليه الصّلاة والسّلام.
سـ 3: ما هو شهر رمضان، ولماذا يجب الصيام فيه وما السرّ في ذلك؟
جـ 3: أخي الكريم عليك أن تعلَم أنّ في الصِّيام حكمةٌ بالغةٌ وسببٌ مِن أسباب الصِّحة والعافِيَة، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:184]، وتصديقًا لحديث محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: [صوموا تَصِحّوا]. وليس معنى ذلك أنّ المريض يَصوم! كلّا، فقد رفَع الله عنه الصِّيام إلى أيامٍ أُخَر، وإنّما الصّيام حمايةٌ مِن قبل المرَض، فيَظلّ جسمه صحيحًا سليمًا مُعافًى، خصوصًا الأمراض الباطنيّة، فالصّيام حمايةٌ لها مِن قَبل المرَض. أمّا إذا مَرِض الإنسان فمَسمُوحٌ له أن يُفطِر إلى عِدّة أيامٍ أخَر، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:185]. وكذلك الحِكمَة مِن الصِّيام لكي يَرحَم الغنيُّ الشَّبعانُ المِسكينَ الجَائعَ؛ فيكون مِن المُصلّين ويَحثّ على طعام المِسكين، وارحَموا مَن في الأرض يَرحمُكم مَن في السّماء، وخير عباد الله الرُّحَماء، والله أرحم الرّاحمين يُحبُّ عباده الرُّحَماء، وكذلك الصِّيام مُخفِّفٌ للشّهوةِ والمَلذَّاتِ، وإذا شبِعَت البطن تاقَتْ للمَلذَّاتِ والشَّهواتِ.
سـ 4: هذه الحسنات اللاتي نكسبها من الصلاة والصيام وقراءة القرآن وفعل الخير، أهي فقط لتدخلنا الجنّة أم هناك شيء آخر؟
جـ 4: أخي الكريم لقد سَألتَ عن شيءٍ عظيمٍ، وما هو الهَدف مِن العبادة؟ وإنما هي وسيلةٌ لتَحقيق الغاية؛ وهي: حُبّ الله وقربّه ورضوان نفسه؛ نعيمٌ أعظم مِن نعيم الجنّة، يُدرِكُه مَن عرَفَ ربّه وهو لا يزال في الدّنيا في لحظة القُربِ مِن ربّه والخُشوعِ والدُّموع ممّا عَرَفوا مِن الحقّ، وعليك أن تعلَم أنّ رضوان الله على عباده هو نعيمٌ أعظمُ وأكبرُ مِن نعيم الجنّة. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [التوبة]. أفلا تَرى الهدفَ الحقيقيّ واضحًا وجليًّا في مُحكَم القرآن العظيم مِن خلقِنا؛ لنَعبُد نعيم رضوان الله سبحانه؟ وذلك نعيمٌ أعظمُ وأكبرُ مِن نعيم الجنّة، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم.
وذلك هو النّعيم الذي سوف تُسألون عنه يوم القيامة، تصديقًا لقول الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴿١﴾ حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴿٢﴾ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴿٥﴾ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴿٦﴾ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴿٧﴾ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [التكاثر]. وقد بيّنَ النعيم الذي عنه سوف يُسألون وهو ذاته الهدفُ مِن خَلق الجِنّ والإنس؛ وهو لكي يَعبُدوا نعيم رضوان الله عليهم، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
سـ 5: ما هي الطريقة الصحيحة لتدبّر القرآن، وكيف يكون التفكّر في خلق السماوات والأرض؟
جـ 5: قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [ص]، والتدبّر هو أن لا تَمرّ على القرآن أصَمّ أبكَم فتَهرِفَ بما لا تَعرِف، وهو أن تتمنّى مِن الله أن يُعلِّمك تأويل كلّ حرفٍ فيه، وتَدبَّر وتَفكَّر، وإذا مَرّت دقائق ولم تَفهَم بيان الآية؛ فمُرَّ عليها وانتظِر مِن الله أن يُعلِّمَك بيانَها، وقد تأتي آيةٌ أخرى فتُوضِّحها لكَ وتُفصِّلها تفصيلًا، أو يُذكِّركَ الله ببَيانها في آيةٍ أخرى في سورةٍ أخرى، المُهمُّ أن تَحرِصَ أن لا تقول على الله ما لم لا تَعلَم، ومِن ثمّ يُعلّمك الله كما علّمناكُم مِن قَبلُ في تَقوى العِلم أن لا تقُولَ على الله ما لا تَعلَم، ومِن ثمّ يُعلِّمُكم الله، تصديقًا لوَعدِه لكم بالحقِّ: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ ۗ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:282].
أما بالنِّسبة للتَّفكّرِ في السّماوات والأرض؛ فانظر كيف رفَع الله السّماوات، وانظر إلى القمر والشّمس تَجِدهُم مُعلّقاتٍ بالفَضاء، فمَن الذي يُمسِكُهم ويُمسِك السّماوات والأرض أن تَزولا؟ تصديقًا لقول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴿٨﴾} [الروم].
{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ﴿٦﴾} [ق].
{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴿٦٧﴾} [مريم].
{قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ} [يونس:101].
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:57].
{أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ} [الأعراف:185].
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٩١﴾} [آل عمران].
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴿٧﴾} [الذاريات].
{إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾} [فاطر].
{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴿١٧﴾ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴿١٨﴾ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴿١٩﴾ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴿٢٠﴾} [الغاشية].
صدق الله العظيــــم.
فكيف فكيف فكيف؟ ومِن ثمّ لا تَجدون الجوابَ إلا أن تخرّ لله ساجدًا باكيًا مِن خَشيَة الخالِق، وممّا عرَفتَ مِن الحقّ، ومِن الخَوفِ ممّا بعدَ ذلك، تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٩١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران]. ومِن ثمّ تَعرِف عظمَة الله فتَنبهِرُ مِن عَظمَة الخالق سبحانه، ما أعظم ذاتَه وقُدرتَه! ثمّ يَخشَعُ قلبك ممّا نزَل مِن الحقّ في القرآن العظيم؛ تصديقًا للذي بين يَديك مِن السّماء والأرض، وتتذكّر قول الله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾} [الحشر].
{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٣﴾} صدق الله العظيم [يس].
سـ 6: وعندما تحدَّثَ الله عن الجنة؛ بيّن لنا أنّ فيها قصوراً وأشجاراً وفواكه وحور عين، ماذا سنفعل بهذا؟ أم أننا كالإبل لا نريد إلا المأكل والملبس حتى ونحن في الجنة؟
جـ 6: أمّا هذا السّؤال فقد أجبتُك مِن قبلُ عن الحِكمة مِن خلق الجنّ والإنس أنّه ليس للجنّة والحُور العين؛ بل خلق الجنّة والحور العين وما في جِنانِ النّعيم مِن أجلنا، وخلقَنا مِن أجل هدَفٍ في ذاتِ الله وهو: (نعيم رضوان نفس الله على عباده) وبيَّنا أنه هو: (النّعيم الأعظمُ مِن الجنّة في الدّنيا وفي الآخرة). تصديقًا لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
وأخيراً السؤال الأخير 7: وهذا سؤال يخصّكم أنتم أيّها السيد الكريم، هل المهديّ رسولُ عذابٍ؛ أي أنه يأتي ليعذّب الكفار والطغاة؟ أم أنه رسول رحمةٍ؛ أي يأتي لينشر السلام والرحمة؟ وهل هناك آيةٌ من القرآن تؤكد حديث محمدٍ - عليه الصلاة والسلام - عن المهديّ؟
جـ 7: أخي الكريم المُهتدي إلى الصّراط المُستَقيم، عليك أن تعلَم عِلمَ اليَقينِ أنّ الإمام المهديّ رحمةُ الله التي وسِعَت كلّ شيء إلّا مَن أبى رحمَة ربِّه مِن بعد ما تبيّن له أنّه الحقّ مِن ربّه، ولو لم يكن رحمَةً مِن الله؛ فلِمَ سوف يَملأ الأرض عَدلًا وأمنًا كما مُلِئت جورًا وظُلمًا؟ وإنّما يُخوِّف الناس بالقرآن العظيم، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} صدق الله العظيم [ق:45].
بل الإمام المهديّ يَهدي الله به الناس أجمعين؛ إلا الذين عَلِموا عِلم اليقين أنّه المهديّ المنتظَر الحقّ مِن ربّهم ثم يُعرِضون عنه مِن بعد ما عَرَفوا أنّه الحقّ مِن ربّهم، أولئك لا يَزيدُهم الله بالمهديّ المنتظَر إلا رِجسًا إلى رِجسِهم وضلالًا إلى ضَلالِهم مِن الذين عادوا لِما نُهوا عنه، ولكنّ الله يَهدي به ما دون ذلك أجمعين مِن كافّة الأمَم ما يدِبُّ منها أو يَطير؛ بل هو رحمة الله التي وسِعَت كلّ شيءٍ مِن البعوضة فما فوقَها، مِن أجل تحقيق الهدفِ الأعظم حتى يكون الله راضيًا في نفسه، تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧﴾ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ولك الآن أن تَتفكّر مَن هو الذي يَهدي الله به كثيرًا مِن الناس؛ إلا شياطين البشر فقط الذين يُحارِبون الله ورسوله، ويَعرفون محمدًا رسول الله كما يَعرِفونَ أبناءهم ولكنّهم للحقّ كارهون؛ أولئك كَرِهُوا رضوان الله ولِقاءَه فكَرِهَهم وغَضِب عليهم، وليس معنى ذلك أنّنا نَحرِمُهم مِن رحمة الله حاشَا لله، فلئِن صدّقوا واتّبَعوا الحقّ مِن ربّهم لوَجَدوا الله غفورًا رحيمًا، ولكنّهم يئِِسوا مِن رحمة الله كما يئِس الكفار مِن عَودة أصحاب القبُور، وما ظَلمَهم الله ولكن أنفسهم يَظلِمون.
وكذلك محمدٌ رسول الله أرسَله الله رحمةً للعالَمين؛ إلا مَن أبى رحمة الله ولم يتّبع الحقّ، وإنّما المهديّ المنتظَر يَمشي على نهجِ جدِّي وحبيبي وقُدوَتي محمدٌٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأدعو إلى الله على بَصيرةٍٍ مِن ربّي وهي ذاتُها بَصيرَة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - خاتم الأنبياء والمُرسَلِين، صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليمًا كثيرًا عِدادَ ثواني الدّهرِ والشّهرِ مِن أوّل العُمر إلى اليوم الآخر، والمهديّ المنتظَر خاتَم خُلفاءِ الله أجمعين أدعو الناس إلى السّلام والأُخُوَّة؛ فجميعهم إخوَةٌ على رَجُلٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ وهما آدم وحوّاء عليهما الصّلاة والسّلام، وأدعوهم إلى عبادة الله وحدَه لا شريك له لا يُشرِكون بالله شيئًا، ومَن أشرَكَ بالله فقد حبِطَ عمَلُه ولن يقبَلَه الله منه، ألا لله الدِّين الخالص، وأدعو الناس لنكونَ إخوَةً في دين الله أجمعين، ولكن للأسف وجدتُ الجاهلين يَلعنُوني بغير الحقّ؛ فليَنظروا هل دَعَوْتهم إلى باطلٍ فليأتوني به إن كانوا صادقين؟ فكيف يَلعَنون مَن يأمُرُهم بالمَعروف ويَنهاهُم عن المُنكَر، أفلا يتّقون؟ اللهم اغفِر لهم فإنّهم لا يَعلَمون.
ويا أخي الكريم إنّي أراك تُريدُ مَزيدًا مِن التّوضيح مِن القرآن في شأن الإمام المهديّ، فبما أنّكم تعلَمون أنّ خاتم الأنبياء والمُرسَلِين هو محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فمَن الذي عِندَه علم الكتاب شاهدًا على الناس أجمعين؟ وذلك هو المهديّ المُنتظر، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الرعد].
وسَلامٌ على المُرسَلِين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
______________