ومن الذين لم يذكر الله قصّتَهم كمثل قصة أصحاب الكهف وقومهم بالتفصيل، وكذلك قصّة أصحاب الأخدود، غير إننا نعلمها في أسرار القرآن العظيم أنّ أصحاب الأخدود هم الملك تُبَّعٍ وقومه، وهو أحد ملوك اليمن الجبابرة بعث الله إليه نبياً فكذّبوه فكانوا أشدّ بطشاً في البلاد، وحفروا لأتباع النّبي أخدوداً وملؤوه بالجحيم، وكانوا يقذفون بمن آمن واتَّبع نبيَّهم في نار الجحيم.
ولربما يود أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد، وهل قوم تُبَّعٍ أهلكهم الله كما أهلك فرعون وقومه؟".
ومن ثم نردّ عليه من محكم الكتاب ونقول:
{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)}
صدق الله العظيم [الدخان]
فأهلكه الله وقومه وأورث ذلك النبي مُلْكَ تُبَّعٍ الحِمْيَري، وكان مُلْكاً كبيراً ومالاً وفيراً، ولا أعلم أن المَلِك تُبَّعٍ اليماني أسلم كما يعتقد الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، بل المَلِك تُبَّعٍ وقومه من الذين كذّبوا برسل ربهم فحق وعيد.
وقال الله تعالى:
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}
صدق الله العظيم [ق:14]
ولربما يودّ أن يقاطعني أحد الذين يتَّبعون الأحاديث المخالفة لمحكم القرآن العظيم فيقول: إليك الأحاديث عن النبي في شأن تُبَّعٍ:
التحليل الموضوعي
4674 حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ومخلد بن خالد الشعيري المعنى قال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري أتبع لعين هو أم لا وما أدري أعزير نبي هو أم لا
الحاشية رقم:1
(ما أدري أتبع لعين هو أم لا): هذا قبل أن يوحى إليه شأن تبع. وقد روى أحمد من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم وروى الطبراني من حديث ابن عباس مثله. وروى ابن مردويه من حديث أبي هريرة مثله كذا في مرقاة الصعود (وما أدري أعزير نبي هو أم لا): قال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه في رواية الحاكم في المستدرك بدله وما أدري ذا القرنين نبيا كان أم لا وزاد فيه وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا ورويناه بتمامه بذكر تبع وعزير وذي القرنين والحدود في تفسير ابن مردويه من رواية محمد بن أبي السري عن عبد الرزاق قال ثم أعلم الله نبيه أن الحدود كفارات وأن تبعا أسلم. كذا في مرقاة الصعود.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الدخان: أخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله [ص:336] عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أدري الحدود طهارة لأهلها أو لا، ولا أدري تبع لعينا كان أم لا، ولا أدري ذو القرنين نبيا كان أم ملكا وقال غيره عزيرا كان نبيا أم لا كذا رواه ابن أبي حاتم عن محمد بن حماد الظهراني عن عبد الرزاق. قال الدارقطني: تفرد به عبد الرزاق. ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا عزير لا أدري أنبيا أم لا، ولا أدري ألعن تبعا أم لا ثم أورد ما جاء في النهي عن سبه ولعنته. وقال قتادة: ذكر لنا أن كعبا كان يقول في تبع الرجل الصالح ذم الله تعالى قومه ولم يذمه. قال وكانت عائشة رضي الله عنها تقول "لا تسبوا تبعا فإنه قد كان رجلا صالحا". وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا عبد الله بن لهيعة عن أبي زرعة يعني عمرو بن جابر الحضرمي قال سمعت سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم ورواه الإمام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة به. وقال الطبراني حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا أحمد بن محمد بن أبي برزة حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا تبعا فإنه قد أسلم. وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري تبع نبيا كان أم غير نبي وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كما أورده ابن عساكر لا أدري تبع كان لعينا أم لا. ورواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى المدني عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا. وقال عبد الرزاق أخبرنا عمران أبو الهذيل أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال: قال عطاء بن أبي رباح لا تسبوا تبعا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبه انتهى كلامه والحديث سكت عنه المنذري.)
ـــــــــــــــــــــــ
اِنـتهـى..
ومن ثم يردّ عليهم الإمام المهدي ونقول لهم: اتقوا الله فكيف لا يعلم محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل تُبَّعٍ كان مَلكٌ كافرٌ أم نبيٌ!!
ومرة أخرى يقول فلا أعلم تُبَّعٍ أسلم أم لا!!
ما لكم تتبعون ما يخالف للعقل والمنطق أفلا تعقلون؟
فانظروا للروايتين:
(ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا عزير لا أدري أنبيا أم لا، ولا أدري ألعن تبعا أم لا)
وحديث آخر يقول:
(حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ومخلد بن خالد الشعيري المعنى قال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري أتبع لعين هو أم لا وما أدري أعزير نبي هو أم لا).
ـــــــــــــــــــــ
اِنتهى الافتراء
ومن ثم نفتيهم بالحق من محكم كتاب الله ونقول: كلٌ كذب الرسل تُبَّعٌ وقومُه.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}
صدق الله العظيم [ق:14]
وهنا فتوى من الله عن الأمم المكذِّبة ومنهم تُبَّعٍ وقومه.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}
صدق الله العظيم [ق:14]
ويعلم الله بما سوف تزعمون ولذلك قال الله تعالى:
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}
صدق الله العظيم [ق:14]
بالرغم أنه قد أفتى بتكذيبهم قُبَيل ذكرهم.
وقال الله تعالى:
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)}
صدق الله العظيم [ق]
فانظروا لقول الله تعالى:
{كَذَّبَتْ}،
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: فلماذا ذكر أنهم مكذِّبين مرتين في نفس الموضع؟
والجواب إنّما يقصد في التأكيد الأخير أي المَلك تُبَّعٍ وقومه، كون الله علم بما سوف تزعمون.
ولذلك قال الله تعالى:
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}
صدق الله العظيم [ق:14]