الإمام ناصر محمد اليماني
12 - شوال - 1430 هـ
01 - 10 - 2009 مـ
01:24 صباحاً
ـــــــــــــــــــــ
{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
قال الله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} صدق الله العظيم [النمل:٤٠].
وإليكم البيان المُختصر من المهديّ المنتظَر إلى (الرادار) وكافة الأنصار السابقين الأخيار وكافة الزوار الوافدين إلى طاولة الحوار للبحث عن الحقّ، وأفتيكم بالحقّ جميعاً أنّ الرجل الذي حضر بين الملأ مُتمثلاً إلى بشرٍ سويٍّ؛ بين ملإ سليمان هو فضلٌ من الله جديدٌ مدد لسليمان قام بالمُهمة ومن ثم اختفى، ولذلك قال نبيّ الله سليمان لمن حوله من الملإ: {قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النمل].
فهل تدري يا أيُّها (الرادار) من الذي قام بإحضار عرش ملكة سبأ في أقرب من لمح البصر بإذن الله؟ إنهُ الذي قام بإحضار مُحمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من أرض الثرى إلى سدرة المُنتهى، إنه رسولٌ كريمٌ ذو قوةٍ عند ذي العرش مكينٌ، إنّه الملك جبريل عليه الصلاة والسلام تنزَّل ساعة عرض الطلب لنبي الله سُليمان على الملإ الذين معه من جنوده: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿٣٨﴾ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿٣٩﴾} صدق الله العظيم [النمل].
وقال الرسول الكريم ذو قوة عند ذي العرش مكين: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)} صدق الله العظيم [النمل]. ولكنه اختفى عن سليمان وعن ملأ سليمان ثم أفتى سليمان الملأ من حوله وقال: {قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النمل].
وجبريل أعلم من سليمان وما ينبغي أن يكون من الذين يؤمُّهم سليمان ما دام أعلم منه، إذ لو كان من ملئِه لأصبحت لهُ الأولوية بالإمامة من سليمان عليه الصلاة والسلام؛ بل الرجل الكريم الذي حضر فأحضر العرش بأقرب من لمح البصر هو جبريل عليه الصلاة والسلام ثم اختفى عن أعين سليمان وعن أعين ملئِه جميعاً، ولذلك نجد الفتوى من سليمان لملئِه: {قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النمل].
وأما الصرح المُمرّد من قوارير فإنه صرحٌ زُجاجيٌّ فقد أمر به سليمان وجعله مكشوفاً للشمس ليعلم حقيقة إسلامها فهل سوف تدوس على صورة من كانت تعبده؟ ولم يأمر بإدخالها عليه إلا في ساعةٍ معلومةٍ والشمس وسط السماء {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا} [النمل:٤٤]، وذلك لأنّها رأت فيه الشمس وظنته ماءً نظراً لأنها ترى الشمس فيه ولذلك كشفت عن ساقيها ولكنّهم أفتوها أنه صرحٌ مُمردٌ من قواريرَ، ومن ثم أرجعت ثوبها الملكي ليستر ساقيها فتقدمت حتى وقفت على صورة الشمس بالصرح اللامع فأعلنت إسلامها وهي واقفة على صورة الشمس مُعترفةً أنّها ظلمت نفسها بعبادتها للشمس من قبل: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْن} صدق الله العظيم [النمل:٤٤].
وذلك لأنّ سُليمان قد علم بإسلامها من قبل أن تأتي ولذلك قال: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} صدق الله العظيم [النمل:٣٨]. وإنما أخبره الهدهد عن إسلامها وذلك لأنه كلفه بمراقبتها من بعد أن ألقى إليها الكتاب وقال: {اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} صدق الله العظيم [النمل:٢٨]. وقد أخبر الهدهد نبيّ الله سليمان أنها أسلمت لله ربّ العالمين ولم تعد تسجد للشمس ولذلك قال سليمان عليه الصلاة والسلام: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} صدق الله العظيم [النمل:٣٨].
ولكن نبيّ الله سليمان أراد أن يتأكد من حقيقة إسلامها وأمر بذلك الصرح المُمرد من قوارير المكشوف للشمس فإن تجنبت أن تطأ صورة الشمس بقدميها في الصرح اللامع فهذا يعني أنّه لا يزال في قلبها مرضٌ ولم يتطهّر قلبُها لعبادة ربِّها تطهيراً، وإن داست على صورة الشمس فمن ثم سيعلم أنّها صادقةٌ في إسلامها، ولكن ذات اللُبّ والعلم والمنصب والجمال الملكة اليمانيّة المُكرمة وطأت بقدميها على صورة الشمس في الصرح اللامع وأعلنت إسلامها وقدميها على صورة الشمس: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمين} صدق الله العظيم [النمل:٤٤]، ولذلك اعترف سُليمان بعلمها الذكي وقال: {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} صدق الله العظيم [النمل:٤٢].
وسلامُ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ