الإمام ناصر محمد اليماني
15 - 06 - 1431 هـ
29 - 05 - 2010 مـ
09:47 مساءً
ــــــــــــــــــــ
البيان العاجل إلى كُلّ ذي عقلٍ يتدبّر ويتفكّر فيتّبع البيان الحَقّ للذِّكر ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ولا أُفرّق بين أحدٍ من رسله حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين..
ويا أُمّة الإسلام يا حُجّاج بيت الله الحرام، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، لقد رأيت بعد صلاة فجر هذا اليوم المُنقضي محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان واقفاً وأنا كنت كذلك واقفاً من خلفه وبرغم أني لم أكن أرى وجهه لأنني واقفٌ خلفه غير أني أعلم أني واقفٌ وراء جدي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان وقوفنا فوق جبل عرفات وكان ينظر إلى الحُجّاج ومن ثُمّ سمعته يقول:
[ يا حسرةً على المُعرضين عن الدّعوة إلى إتّباع الحَقّ من ربّهم ].
ومن ثُمّ سمعته يتلو قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [الحديد].
وانتهت الرؤيا بالحقّ، ألا وإن المقصود بالحُجّاج بمعنى أنه يتحسّر على المسلمين لأنه لا يحجّ بيت الله إلّا مُسلمٌ ومن أظلم مِمّن افترى على الله كذباً، فاتقوا الله يا أولي الألباب فلا يجتمع النور والظلمات فكيف السبيل لإنقاذكم؟
ويا علماء الأُمّة الإسلاميّة أجمعين على مختلف مذاهبهم وفرقهم؛ إني الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ جعلني الله مُتَّبِعاً لكافة الأنبياء والمرسلين من أوّلهم إلى خاتمهم جدي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ولذلك أدعوكم وطائفتَيْ أهل الكتاب والناس أجمعين إلى كلمة التوحيد سواءٍ بيننا وبين الناس أجمعين أن لا نعبد إلّا الله الذي لا إله غيره الذي خلقني وخلقكم ربّ كُلِّ شيءٍ ومليكه وأدعو إليه على بصيرةٍ من لدُنه القرآن العظيم، فلماذا لا تستجيبون لدعوة الحَقّ إن كنتم مؤمنين؟ فما هي حُجّتكم على ناصر محمد اليمانيّ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111]؟
فلكُلّ دعوى برهان ولا ينبغي أن يكون برهان الدعوة إلى الرحمن إلّا مِن الرحمن، فهل عندكم كتابٌ هو أهدى من كتاب الله القرآن العظيم فأتَّبِعه فأْتوا بسلطان العلم مِنهُ إن كنتم صادقين؟ وقال الله تعالى: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ ﴿١٥٦﴾ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٥٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات].
وقال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ۖ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [الأحقاف].
فانظروا يا قوم إلى برهان دعوة الصدق تجدوا أنّ البرهان هو العلم الحَقّ من ربّ العالمين، ولذلك قال الله تعالى: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم.
ولكنكم تُجادلونني برواياتٍ مُفترياتٍ تُخالف لآيات الكتاب البيّنات لعالِمكم وجاهلكم إن كنتم تعقلون! وعلى سبيل المثال: حُجّتكم التي تُحاجّون بها الإمام المهديّ خليفة الله المُصطفى ناصر محمد اليمانيّ فتُنكِرون عليه قوله: يا أيها الناس إنّي المهديّ المنتظَر خليفة الله المُصطفى من ربّ العالمين. ومن ثُمّ قلتم: "ألا إن قولك هذا للناس أنك المهديّ المنتظَر هو حُجّتنا عليك، كون المهديّ المنتظَر إذا حضر لا يقول أنه المهديّ المنتظَر؛ بل علماء الأُمّة يُعرِّفونه على شخصه فيقولون له أنه المهديّ المنتظَر حتى ولو أنكر أجبروه على البيعة كُرهاً"! ومن ثُمّ يقول لكم ناصر محمد اليمانيّ: فما يدريكم أنه المهديّ المنتظَر إذا كان هو لا يعلم أنه المهديّ المنتظَر فهل أنتم أعلم منه؟ فكيف يزيدكم الله بسطةً في العلم على الإمام المهديّ! إذاً فكيف يستطيع أن يحكم بينكم من كتاب الله فيما كنتم فيه تختلفون؛ أفلا تعقلون؟
ويا أُمّة الإسلام؛ إني أَشهدُ والله يَشهدُ وكفى بالله شهيداً أن الله لم يجعل لكم الخيرة في اصطفاء خليفته من دونه سبحانه وتعالى عمّا يشركون؛ بل الذي خلقني وخلقكم هو الذي يختار خليفته في قدره المقدور في الكتاب المسطور تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ويا أُمّة الإسلام؛ والله الذي لا إله غيره لا أعلمُ لكم بسبيلٍ للنجاة إلّا أن تعتصموا بحبل الله القرآن العظيم فتعتصموا بمُحكم كتاب الله وتكفروا بما خالف لمُحكم كتاب الله سواء في التوراة أو في الإنجيل أو في أحاديث وروايات السُّنة النبويّة، وذلك لأنّ الله لم يعِدكم إلّا بحفظ كتاب الله القرآن العظيم من التحريف والتزييف إلى يوم الدين ولذلك تجدونه نُسخةً واحدةً في العالمين لم تختلف فيه كلمةٌ واحدةٌ برغم أنه عاصر أعمار أُمَمٍ من البشر ولا يزال محفوظاً من التحريف تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر].
ويا علماء المسلمين وأُمّتهم؛ إنّ لكم الحَقّ أن لا تُصدِّقوا الإمام ناصر محمد اليمانيّ حتى تجدوه هو حقاً أعلمكم بكتاب الله القرآن العظيم، ومن ثُمّ لا تجدوا أحداً منكم يستطيع أن يأتي بتأويل القرآن كمثل بيان الإمام ناصر محمد اليمانيّ، فإذا تبيّن لكم أن بياني للقرآن هو حقاً خيرٌ منكم وأحسن تفسيراً فقد تبيّن لكم أني حقاً أعلمكم بكتاب الله القرآن العظيم.
ولربّما يودُّ أحد علماء الأُمّة أن يقول: "نعم إن لديك علماً وافراً من كتاب الله مِمّا علمكم الله ولكن هذا لا يعني أنك المهديّ المنتظَر". ومن ثُمّ يردُّ عليكم الإمام ناصر محمد اليمانيّ وأقول: ويا سبحان ربي! فكيف يؤتيني الله الحُكم والكتاب ومن ثُمّ أفتري عليه ولم يصطفِني المهديَّ المنتظَر ما لم يكن حقاً اصطفاني عليكم وزادني عليكم بسطةً في العلم، أفلا تعقلون؟
وإليكم سؤال المهديّ المنتظَر: فهل لو أنّ الأنبياء افتروا على الله واتّبعهم الناس في دعوتهم إلى عبادة الله وهم ليسوا بأنبياء ولم يوحِ اللهُ إليهم شيئاً؛ فهل ترون أنّ الله سوف يُحاسِب أتباعهم على اتّباعهم وهم استجابوا لدعوة الحَقّ إلى عبادة الله وحده لا شريك له؟ حتى ولو كان الأنبياء مفترين في الكتاب المنزّل عليهم لما حاسب الله أتباعهم؛ بل سوف يُحاسِب من افترى عليه وحده تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} صدق الله العظيم [هود:35].
وكذلك الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ إن يكن مفترياً وليس الإمام المهديّ المنتظَر فعليّ إجرامي، وأما أنتم فكيف يحاسِبكم الله لو استجبتم لدعوة الحَقّ إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأتّبعتم آيات الكتاب البيّنات لا يكفر بها إلّا الفاسقون؟ وذلك لأني أرى الشياطين تُخوِّفكم في أنفسكم فتوسوس لكم بغير الحَقّ فتقولون: "ماذا لو اتّبعنا الإمام ناصر محمد اليمانيّ وهو ليس المهديّ المنتظَر؟ إذاً فقد أضلَّنا عن سواء السبيل". ومن ثُمّ يردُّ عليكم الإمام المهديّ وعلى شياطينكم من الجنّ والإنس: فهل مَن عبَدَ الله وحده لا شريك له حتى جاء ربَّه بقلبٍ سليمٍ من الشرك؛ فهل ترونه قد ضلّ عن سواء السبيل؟ أفلا تتقون؟
ويا علماء أُمّة الإسلام، إنما أعظكم بواحدةٍ هو أن تقولوا: "يا ناصر محمد اليمانيّ نحن لن نُصدّق أنك حقاً الإمام المهديّ حتى نجدك تستطيع أن تحكم بيننا فيما كُنّا نختلف فيه من الدين فتأتينا بالحُكم المُقنع لعقولنا من مُحكم كتاب الله القرآن العظيم". ومن ثُمّ يردُّ عليكم ناصر محمد اليمانيّ وأقول: فذلك بيني وبينكم وما ينبغي لي أن أحكم بينكم إلّا بما أراني الله في مُحكم كتابه تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ} صدق الله العظيم [النساء:105].
وقال الله تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٦٤﴾} صدق الله العظيم [النحل].
وقال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} صدق الله العظيم [المائدة:48].
ولربما يودُّ أحد فطاحلة علماء الأُمّة أن يقاطعني فيقول: "مهلاً مهلاً إنما ذلك القول من الله والأمر هو إلى رسوله وليس لك يا ناصر محمد اليمانيّ". ومن ثُمّ يردُّ عليه الإمام المهديّ وأقول: ولكني مُتّبعٌ ولستُ مُبتدعاً، وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين فأَتّبع أهواءكم؛ بل أدعوكم على بصيرةٍ من الله وهي ذاتها بصيرة محمدٍ رسول الله بالقرآن العظيم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك أُحاجّ الناس بما كان يُحاجّهم به خاتم الأنبياء محمد - صلّى الله عليه وآله وسلّم - القرآن العظيم تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} صدق الله العظيم [يوسف:108].
إذاً بصيرة القرآن هي لمحمدٍ رسول الله ولِمَن اتَّبعه، فلماذا اتّخذتم هذا القرآن مهجوراً؟ فمن يُجيركم من الله؟ ولربما يودُّ عالِمٌ آخر أن يقول: "فهل أنت يا من تزعم أنك المهديّ المنتظَر أعلم من محمدٍ رسول الله وصحابته الأخيار بهذا القرآن العظيم؟ فقد بيَّنه لنا محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - عن طريق السُّنة فيكفينا اتّباع السُّنة وذلك لأنّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلّا الله تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].
ومن ثُمّ يردُّ عليكم الإمام المهديّ وأقول: قال الله تعالى: {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا ۚ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦٨﴾ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ولكني لم أجد في كتاب الله أنّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلّا الله؛ بل قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
إذاً يا قوم إنما يقصد الله بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ}؛ ويقصد المُتشابه وليس آيات الكتاب المُحكمات البيّنات هُنّ أُمّ الكتاب لعالِمكم وجاهلكم، فلمَ تُحرِّفون كلام الله عن مواضعه حتى تتّبعوا أهواءكم أفلا تتقون؟ فمن يُجيركم من الله؟ أفلا تعلمون أنَّما المُتشابه في القرآن قليلٌ بنسبة عشرةٍ في المائة تقريباً وتسعين في المائة من آيات الكتاب آياتٌ مُحكماتٌ هُنّ أُمّ الكتاب جعلهُنّ الله آياتٍ بيّناتٍ لعالِمكم وجاهلكم حتى لا تكون لكم الحُجّة على الله؛ بل وتوجد سورٌ جميعها مُحكمٌ واضحٌ بيِّنٌ للعالِم والجاهل، أم إنكم لا تعلمون ما يقصد الله بقوله في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم.
أم إنكم لا تعلمون ما يقصد الله بقوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [الحشر].
ويا علماء أُمّة الإسلام لِمَ تخدعون أنفسكم وأُمَّتكم؟ فإذا كان لا يعلمُ تأويله إلّا الله؛ فلِمَ تجرَّأتم على تفسير القرآن مُحكمه ومُتشابهه وأنتم لا تُفرِّقون بين المُتشابه والمُحكم؟ ولسوف أُفتيكم وأُمّة المسلمين عالِمهم وجاهلهم كيف تُميِّزون بين آيات الكتاب المُحكمات هُنّ أُمّ الكتاب والآيات المُتشابهات؛ ألا وإن الأمر يسيرٌ جداً يدركه أولو الألباب الذين يتدبّرون آيات الكتاب الذين يتلونه حقَّ تلاوته تصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٢١﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ولا يقصد حقَّ تلاوته بالغُنّة والقلقلة والتجويد كما جعلتم جُلَّ اهتمامكم في ذلك وذلك مبلغكم من العلم! بل حقّ تلاوته أيْ: بالتدبّر والتفكّر في آياته تصديقاً لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [ص].
وأمّا كيف تستطيعون أن تُميِّزوا بين آيات الكتاب المُحكمات من الآيات المُتشابهات؛ فسبق أن ضربنا لكم على ذلك مثلاً في قول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وكلمة التشابه هي في قول الله تعالى: {الظَّالِمِينَ} فهل يقصد ظُلم الخطيئة أم يقصد ظُلم الشرك في القلب؟ فإذا كان يقصد ظُلم الخطيئة فهذا يعني أن جميع الأنبياء والأئمة معصومون من الخطيئة! ولكن الظنّ لا يُغني من الحَقّ شيئاً فكيف لكم أن تعلموا هل في هذه الآية تشابهٌ أم إنها مُحكمة؟ فالأمر يسيرٌ عليكم لو كنتم تعقلون، فارجعوا إلى قِصص الأنبياء والمرسلين وتدبَّروا هل قَطُّ وجدتم لأحدهم أخطاءً؟ فإذا لم تجدوا أن أحدهم أخطأَ فقد تبيَّن لكم أن قول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم، خالية من كلمات التشابه.
أما إذا وجدتم أن المرسلين قد يتعرّضون لظُلم الخطيئة فقد أصبحت الآية فيها كلماتٌ متشابهة، وتعالوا للتطبيق للتصديق؛ فهل نجد أن الله يفتينا في آيةٍ أُخرى أن المرسلين يتعرّضون لظُلم الخطيئة؟ وتجدون الفتوى في قول الله تعالى: {يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴿١٠﴾ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [النمل].
إذاً يا قوم إنّ المرسلين مُعرَّضون لظُلم الخطيئة وربّي غفورٌ رحيمٌ لمن تاب وأناب كما أخطأ نبيّ الله موسى فارتكب ظُلم الخطيئة بقتل نفسٍ تعصُّباً مع الذي هو من شيعته في ساعة غضبٍ، ولَمّا أدرك موسى أنه ظلم نفسه بخطيئة القتل قال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [القصص].
وذلك تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴿١٠﴾ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم.
ولو يتدبّر الباحثون عن الحَقّ كيف اختلف علماء الشيعة وعلماء السُّنة في هذه المسألة فكُلٌّ منهم جاء ببُرهانه من القرآن، فأمّا الشيعة فقالوا أنّ الأنبياء والأئمة معصومون من ظُلم الخطيئة وجاءوا بالبُرهان على عقيدتهم من مُتشابه القرآن وقالوا: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وأمّا أهل السُّنة فاستدلّوا بقتل موسى لنفسٍ فظلم نفسه فتاب وأناب وجاءوا بالبُرهان من القرآن في قول الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [القصص].
وعجز أهل السُّنة في إقناع الشيعة وعجز الشيعة في إقناع السنة! ولكن ناصر محمد اليمانيّ سوف يُلجم أَلْسِنة الشيعة والسُّنة بالحقّ حتى لا يجدوا إلّا أن يسلّموا تسليماً لما قضيت بينهم بالحقّ أو يكفروا بالقرآن العظيم! وأما سرّ إلجامي للشيعة، وذلك لأني أخذت الآية التي يُحاجّون بها الناس وبيَّنت أن فيها من كلمات التشابه، وأنه يقصد ظُلم الشرك ولا يقصد ظُلم الخطيئة وذلك لأن الشرك ظُلمٌ عظيمٌ تصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [الأنعام]، أي: أن قلوبهم سليمةٌ من ظُلم الشرك بالله تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [لقمان:13].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١١٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].
ولذلك لا ينبغي أن يكون الأنبياء والأئمة من المشركين بالله؛ بل يُطهِّر الله قلوبهم من ذلك تطهيراً حتى يدعوا الناس إلى كلمة التوحيد فيُخرجوا الناس من الظُلمات إلى النور. وتبيَّن لكم الآن البيان الحَقّ لقول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وتبيّن لكم أنه يقصد: ظُلم الشرك وليس ظُلم الخطيئة.
ويا معشر الأنصار، أرجو من الله أن لا تمَلّوا كثرة التكرار والتفصيل المُستمِرّ لعلّه يُحدث لهم ذكراً وتجدونني أُكرِّر هذه النقطة كون هذه العقيدة هي السبب في مُبالغة الشيعة في الأئمة أنهم معصومون من الخطأ ويحاجّون الناس بقول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم.
ولكنّي الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ؛ أَشهدُ لِله أنّي قد ارتكبت ذنوباً كثيرةً ولا يُحيط بها الناس علماً، والحمدُ لله الذي هداني حين وجدني تائباً مُنيباً فهداني إلى ما يُحبّه ويرضاه، والحمدُ لله ربّ العالمين.
ولربّما يودّ أحد الأنصار أن يُقاطع المهديّ المنتظَر فيقول: "يا إمام ناصر لا تجعل للناس الحُجّة علينا فإنهم يُنكرون أمرك، وحين يجدون أنك تقول: (أَشهدُ لِله أني قد ارتكبت ذنوباً كثيرةً ولا يُحيط بها الناس علماً)، سوف يزدادون إنكاراً وسيقولون: أفلا ترون إمامكم أنه كان يتّبع الشهوات فكيف تُصدِّقونه؟". ومن ثُمّ يردُّ عليه الإمام المهديّ الحَقّ وأقول: بل إني بقولي هذا قد أغلقت باباً كبيراً من أبواب الوسواس الخنّاس في صدور الناس حتى لا يقولوا لأنصاري المُذنِبين: "كيف يقول ناصر محمد اليمانيّ أن أتْباعه صفوة البشرية وخير البرية وأنتم تعلمون أنفسكم أنكم قد أذنبتم كثيراً وناصر محمد اليمانيّ لا يعلمُ بذنوبكم، أفلا تذكر يا فلان ماذا فعلتُ أنا وأنت في الجنس اللطيف في الإجازة يوم سافرنا إلى الدولة الفُلانيَّة فكيف تكون من صفوة البشرية وخير البريّة كونك من أتباع ناصر محمد اليمانيّ فهذا يدلّ أنه لن يتّبعه إلّا الغاوون"، ومن ثُمّ يردُّ عليه الإمام ناصر محمد اليمانيّ الذي كان من المُذنِبين وأقول: بل نحن التوّابون المُتطهِّرون أحباب ربّ العالمين تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:222].
ولا حاجة لنا برضوان العالمين؛ بل نعبد نعيم رضوان الله ربّ العالمين فنحن له عابدون وفي حُبّه وقربه متنافسون.
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم المُذنب التائب المُنيب إلى ربّه ليغفر ذنبه، الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_________________
[ لقراءة البيان من الموسوعة ]
https://albushra-islamia.net/showthread.php?t=1323