السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونعيم رضوانه في نفسه
هل تعتبر الضرائب المدفوعة لخزينة الدولة زكاة، علما ان الضريبة تفوق احيانا مقدار 10٪ ؟
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يزيدكم بسطة فالعلم
قبس للإمام المهدي ناصر محمد اليماني خليفة الله عليه وآله الصلاة والسلام ؛
ولا يزال لدينا الكثير والكثير في تفصيل الركن الثالث من أركان الإسلام ألا وهو رُكن الزكاة، فويلٌ للذين أعرضوا عن رُكن الزكاة فلا يتقبل الله منهم شهادتهم ولا صلاتهم ولا صومهم ولا حجّهم ومن ثم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةََ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
وليست الزكاة على المال الواحد في كُلّ مرة كما يقول على الله الذين لا يعلمون؛ أنّ زكاة المائة الجرام يتمّ إخراجها في كلّ مرة من ذات المال نفسه! إذاً فسينفد وانتهى الأمر، ولكن قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [المعارج]، فأين المعلوم يا معشر الذين يقولون على الله ما لا يعلمون ما دمتم أفتيتُم أنّه يتمّ إخراجها في كل مرةٍ من ذات المال؟ فلنفرض أنّ لدى أحدكم مائة جرام من الذهب ادّخرها لأولاده الصغار من بعد موته فأمرتموه أن يُخرِج منها حقّ الله في كلّ عام، ومن ثم يخرج لكم عشرة جراماتٍ وفي كل عامٍ عشرة جرامات فبعد مضي عشر سنواتٍ سوف تنفد ثم لا يجد في الوعاء شيئاً! أفلا تتقون؟ وإنّما حقّ الله معلومٌ فإذا تمّ استخراج حقّ العشر من ألف جرامٍ من الذهب ثم يكنزه لعياله من بعده فأصبح طاهراً مُطهّراً إلى يوم القيامة، فلم يفرض الله حقّه فيه إلا مرةً واحدة فقط فقط فقط وليس في كل مرة؛ بل حقّ الله هو في المال الجديد، فإذا كسبتم مالاً جديداً فأخرجوا حقّ الله منه ومن ثم يصبح طاهراً مطهراً، واتقوا الله ويعلمكم الله.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو المُسلمين في الدين؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــ
- 1 - بيان ركُن الزكاة حصرياً من القرآن العظيم لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأطهار والسابقين الأخيار لنُصرة الحق في الأولين وفي الآخرين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
ويا عُلماء الإسلام وأمّتهم يا حُجاج بيت الله الحرام، إنّي أنا الإمام المهديّ المنتظَر قد اصطفاني الله عليكم فزادني بسطةً في علم البيان الحقّ للقرآن العظيم على كافة عُلمائكم ليجعل ذلك بُرهان الخليفة الذي اصطفاه الله للناس إماماً. تصديقاً لقول الله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ} صدق الله العظيم [البقرة:247].
وإنّما ذلك حتى يستطيع أيّ إمامٍ اصطفاه الله للمؤمنين فيزيده بسطةً في العلم حتى يستطيع أن يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون في الدين، وكذلك الإمام المهديّ زاده الله بسطةً في علم البيان الحقّ للكتاب حتى يستنبط لكم الإمام المهديّ حكم الله بينكم من محكم كتابه فيحكم الإمام المهديّ بحُكم الله بينكم فيما كُنتم فيه تختلفون بآياتٍ بيّناتٍ وما يكفر بها إلا الفاسقون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُون}صدق الله العظيم [البقرة:99].
شرطٌ علينا غير مكذوب أن نأتي لكم بحكم الله من الآيات البيّنات لعالِمكم وجاهلكم يفقهه كلُّ ذو لسانٍ عربيٍّ مُبينٍ، وأضربُ لكم على ذلك مثلاً في الناموس في الكتاب في شأن من يصطفي خليفة الله، فهل يحقّ لعبيده من دونه أن يصطفوا خليفة الله عليهم؟ والجواب تجدوه في حُكم الله بينكم في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}صدق الله العظيم [القصص:68].
وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴿٢٨﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر]. فمن أَذِنَ لكم أن تصطفوا خليفة الله من دونه يا معشر الشيعة والسّنة؟ سُبحان الله وتعالى عمَّا تشركون!
ويا عُلماء المُسلمين وشعوبهم على مُختلف مذاهبهم وفرقهم؛ إنّي الإمام المهديّ المنتظَر أعلن الكُفر المُطلق بالتعدّدية الحزبيّة في الدين الإسلامي الحنيف، فلا ينبغي للحقّ أن يتّبع أهواءكم فينتمي إلى إحدى شِيعكم إذاً لكنتُ من المُعذبين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:105].
فلا ينبغي لي أن اُخالف أمر الله العلي العظيم في محكم القرآن العظيم فأتّبع أمر الشيطان الرجيم، فلا ينبغي لي أن أقول على الله ما لم أعلم مثلكم يا من تقولون على الله ما لا تعلمون وتحسبون أنّكم مُهتدون، وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين فأتبع أمر الشيطان الرجيم لأنّ الشيطان يأمركم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ولكنّ الله ربّكم قد حرَّم عليكم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وقال الله تعالى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:33].
وبما أنّي أعلمُ أنّي الإمام المهديّ المنتظَر خليفة الله عليكم أعلنُ لكافة الأنصار السابقين الأخيار ولكافة الوافدين الباحثين عن الحقّ في طاولة الحوار بأنّي سوف أُهيّمن بسُلطان العلم في بيان رُكن الزكاة حصرياً من القرآن العظيم، وإذا لم أُهيّمن على كافة عُلماء المُسلمين والنصارى واليهود بسلطان العلم الحقّ من مُحكم القرآن العظيم فلستُ المهديّ المنتظَر وعلى جميع الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور أن يرجعوا عن اتّباع المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني إذا لم يجدونه هو المُهيمن بسُلطان العلم من محكم القرآن العظيم، وذلك لكي تعلموا الناموس في الكتاب عن اختيار أئِمّة الكتاب أنّ الله هو من يصطفي ويختار فيزيد من اصطفاه عليكم واصطفاه لكم إماماً بسطةً في العلم. تصديقاً لقول الله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ}صدق الله العظيم [البقرة:247].
ولذلك تجدون أنَّ الله هو الذي اختار خليفته آدم عليه الصلاة والسلام ليكون خليفة الله على الملائكة والجنّ، وكان للملائكة رأياً آخر. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة:30].
ويقصد الله بقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي فلستُم أعلم من ربِّكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [القصص:68].
ثم زاد الله خليفته آدم عليه الصلاة والسلام بسطةً في العلم عليهم جميعاً، ومن ثم أراد الله أن يُقيم الحجّة على ملائكته أنّهم ليسوا بأعلم من ربهم والذي يصطفيه خليفة له سوف يزيده بسطةً في العلم على من استخلفه عليهم. وقال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:31].
فأدرك الملائكة أنّهم قد تجاوزوا حدودهم فيما لا يحقّ لهم، وعلموا بما صار في نفس ربِّهم عليهم من خلال قول الله تعالى الموَّجه إلى ملائكته {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، ومن ثم تابوا وأنابوا وسبّحوا ربَّهم مُقِرِّين بخطئِهم {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} صدق الله العظيم [البقرة:32].
ومن ثم أراد الله أن يقدِّم لآدم خليفته البرهان أنَّ الله الذي اصطفاه خليفة له وقد زاده بسطةً في العلم عليهم. وقال الله تعالى: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:33].
ومن ثم جاء أمر التنفيذ بعد إقامة الحجّة عليهم. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:34].
فتدبروا القرآن لعلكم تعقلون. تصديقاً لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [ص:29].
ومن ثم تعلمون أنّ ليس لأحدٍ الخَيار من عبيد الله في شأن اصطفاء خليفة الله من دونه. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وذلك تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [القصص:68].
ويا عُلماء أمّة الإسلام، والله لو كنتم لا تزالون على الهدى الحقّ لما ابتعثني الله الإمام المهديّ ليهديكم والناس أجمعين إلى الصراط المستقيم بالبيان الحقّ للقرآن المجيد لنهديكم به إلى صراط العزيز الحميد، ويا عُلماء الإسلام وأمّتهم آن الآوان أن نُبيِّن لكم ركن الزكاة التي فرض الله عليكم فتؤدّوها إلى من استخلفه الله عليكم. وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: فهل فرض الله عليكم أن تنفقوا أموالكم جميعاً في سبيل الله؟ والجواب تجدوه في مُحكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [المعارج].
ومن ثم سؤالٌ آخر، فكم قدر هذا الحقّ المعلوم في الكتاب؟ ومن ثمّ تجدون الجواب في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
ومن ثم تعلمون أنّ الله قد فرض عليكم العُشر من الذهب أو ما يعادله من الفضة، فمن أخرج منها العُشر حقّ الله فكأنّما أنفقها جميعاً في سبيل الله كون العُشر يكتبه الله بعشر أمثاله. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} صدق الله العظيم [الأنعام:160].
فلو أنّ لدى أحدكم مائة جرام من الذهب وحتى يعلم كم قدر العشر فيها في الحساب، فيفعل ما يلي:
100÷10= 10 فذلك هو العُشر لمائة جرام من الذهب.
فإذا أخرج العشرة الجرام حقّ الله منها لينفقها في سبيل الله فسوف يكتب الله له وكأنّه أنفق المائة جرام جميعاً، وذلك لأنّ العشرة جرام سوف تُكتب بعشر أمثالها. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} صدق الله العظيم، وذلك هو نصيب الله المفروض في مالكم المُكتسب.
وأما كنوز الغنيمة أو الغنائم فحق الله فيها ضعف العُشر، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} صدق الله العظيم [الأنفال:41].
ولكن زكاة الغنيمة التي رزقكم الله إياها غنيمةً من لدنه يختلف حقّ الله المفروض فيها عن حقِّه في الأموال المُكتسبة كونكم ستجدون أنّ الزكاة من الغنيمة هي ضعف الزكاة من الأموال المكتسبة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} صدق الله العظيم، فإذا غنِم أحدُكم كنزاً (مائة جرام من الذهب) فحقّ الله فيها عشرون جرام. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} صدق الله العظيم.
وحتى تعلموا كم خُمس المائة جرام من الذهب فجزِّئوا المائة جرام إلى خمسة أخماس، أو تقوموا بما يلي:
100÷5 = 20 جرام فذلك هو الخُمس.
وأما حقّ الله المفروض في أموالِكم المُكتسبة فهو أقل من الخُمس، وذلك لأنّ الله فرض عليكم العُشر لله في أموالكم المُكتسبة، وحتى تعلموا كم عُشر المائة الجرام من الذهب أو ما يعادلها من الفضة فهو كما يلي:
100÷10=10 جرام.
فكيف تضلون عن آيات بيِّنات محكمات هُن أمّ الكتاب؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُون} صدق الله العظيم [البقرة:99].
ألم نعِدُكم أنّنا لقادرون بإذن الله على أن نُفصِّل لكم كافّة أركان الإسلام جميعاً من محكم كتاب الله القرآن العظيم فنبيّنه لكم كما كان يبيّنه لمن قبلكم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [النحل:44]. حتى نعيدَكم إلى منهاج النّبوّة الأولى على كتاب الله وسنة رسوله الحقّ والحقّ أحقّ أن يُتبع.
ولا يزال لدينا الكثير والكثير في تفصيل الركن الثالث من أركان الإسلام ألا وهو رُكن الزكاة، فويلٌ للذين أعرضوا عن رُكن الزكاة فلا يتقبل الله منهم شهادتهم ولا صلاتهم ولا صومهم ولا حجّهم ومن ثم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةََ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
وليست الزكاة على المال الواحد في كُلّ مرة كما يقول على الله الذين لا يعلمون؛ أنّ زكاة المائة الجرام يتمّ إخراجها في كلّ مرة من ذات المال نفسه! إذاً فسينفد وانتهى الأمر، ولكن قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [المعارج]، فأين المعلوم يا معشر الذين يقولون على الله ما لا يعلمون ما دمتم أفتيتُم أنّه يتمّ إخراجها في كل مرةٍ من ذات المال؟ فلنفرض أنّ لدى أحدكم مائة جرام من الذهب ادّخرها لأولاده الصغار من بعد موته فأمرتموه أن يُخرِج منها حقّ الله في كلّ عام، ومن ثم يخرج لكم عشرة جراماتٍ وفي كل عامٍ عشرة جرامات فبعد مضي عشر سنواتٍ سوف تنفد ثم لا يجد في الوعاء شيئاً! أفلا تتقون؟ وإنّما حقّ الله معلومٌ فإذا تمّ استخراج حقّ العشر من ألف جرامٍ من الذهب ثم يكنزه لعياله من بعده فأصبح طاهراً مُطهّراً إلى يوم القيامة، فلم يفرض الله حقّه فيه إلا مرةً واحدة فقط فقط فقط وليس في كل مرة؛ بل حقّ الله هو في المال الجديد، فإذا كسبتم مالاً جديداً فأخرجوا حقّ الله منه ومن ثم يصبح طاهراً مطهراً، واتقوا الله ويعلمكم الله.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو المُسلمين في الدين؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــ
- 2 -
مزيدٌ من التفاصيل من محكم التنزيل في ركن الزكاة المفروضة..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه وأنصاره في الأولين والآخرين وفي الملإِ الأعلى إلى يوم الدين..
وسنزيد المُحسنين بالبيان الحقّ من القرآن المُبين عن نصاب الزكاة المفروضة في أموالهم، وكان حقاً لله مفروضاً لمن بلغ ماله النصاب المعلوم في القرآن العظيم عُشر كُلّ عشرة جرامات من الذهب أو ما يعادله من الفضة، حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ فأحكمُ بينكم بالقول الفصل وما هو بالهزل وأفصّل لكم الضعف في الكتاب بين الصدقة المفروضة وبين صدقة النافلة، وقد جعل الله الفتوى الحقّ في آيات الكتاب المُحكمات. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:99].
وناموس الكتاب في الحساب بين العبيد والربّ المعبود في العمل الحسن وفي العمل السيء تجدون الفتوى إليكم من ربكم في مُحكم كتابه القرآن العظيم في قول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} صدق الله العظيم [الأنعام:160]. والحسنة المقصود بها في هذه الآية هو العمل الحسن المفروض على المؤمنين من ربهم أمراً مفروضاً، فمن أدى المفروض عليه من ربّه فَمِنْ كرم الله أنه لا يُكتب لهُ بمثله بل يُكتب بعشر أمثاله، ومن خلال ذلك نستطيع أن نعلم فكم بالضبط مقدار النصاب للزكاة المفروضة فأجد في الكتاب أنّ نصاب الزكاة هو في كُلّ عشرة جرامات من الذهب أو ما يعادله من الفضة يتمّ استخراج العُشر من ذلك. وأمّا كيف تقسيم العُشر من ذلك فيتمّ تقسيم العشرة الجرام إلى عشرة أقسام ومن ثمّ نأخذ منها النصيب العاشر حقّ الله المفروض، ومن ثمّ يكتب لهُ الله ذلك بعشر أمثاله. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} صدق الله العظيم، وكأنه أنفق العشرة الجرامات في سبيل الله جميعاً. ولذلك قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿34﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿35﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
وتَبيّن لكم بيان هذه الآية بالحقّ أنّ نصاب الزكاة هو عند بلوغها عشر جرامات ذهباً، وبما أنّ في كُلّ عشر جرامات نصاب جرامٍ واحدٍ فعلى هذا الأساس يتمّ نصاب الزكاة حتى ولو تكون مليون جرام ففي كُل عشر جرامات جرام واحد، ويتمّ تقسيم المليون الجرام على عشرة أقسام فنأخذ النصيب العاشر، أو نقسمها عن طريق حساب الرياضيات (1000000÷10 ) = 100000 جرام يكون ذلك نصيب الله المفروض من ذلك المليون جرام.
وبما أنّ الله لن يكتب لعبده أنّه أنفق مائة ألف جرام؛ بل أمر الملك رقيب أن يكتبُ لعبده أنهُ أنفق مليون جرام من الذهب وذلك لأنّ المائة ألف جرام سوف تكتب بعشر أمثالها. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} صدق الله العظيم، ولكن الفرق لعظيم بين أضعاف الصدقة المفروضة في الكتاب والصدقة الطوعيّة من العبد طمعاً في حُبّ الله وقُربه، فإذا نظرتم إلى ضعف الجرام الفرضي تجدونه وكأنه أنفق عشر أمثاله، ولكن حين يكون هذا الجرام طوعاً قربةً إلى الله تجدون أنّ الفرق في أضعافه بين الجبريّ والطوعيّ هو ستمائة وتسعون ضعفاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:261].
فتجدون أنّ الفرق بين الأضعاف هو ستمائة وتسعون ضعف، ولذلك تجدون في الكتاب المُقربين وأصحاب اليمين، فأمّا المُقربون فأدوا ما فرض الله عليهم ومن ثمّ تزوّدوا بعمل صدقة النافلة قربةً إلى ربِّهم وهؤلاء لا يشبعون ولا يقنعون مهما أنفقوا فيودّ أحدهم لو أنّ له جبلاً من ذهبٍ ليستمتع بإنفاقه في سبيل الله طمعاً في حُبّ الله وقربه، ولذلك أحبّهم الله وقرّبهم، ولكلٍ درجاتٌ مما عمِلوا على حسب سعي العباد من غير مُجاملةٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ ﴿33﴾ وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ ﴿34﴾ أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ ﴿35﴾ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ﴿36﴾ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ﴿37﴾ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴿38﴾ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿39﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿40﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿41﴾} صدق الله العظيم [النجم].
فلا بدّ من عمل الأعمال الصالحة وإنما يضاعفها الله الواسع العليم، فالذي ينفق ألف جرامٍ من الذهب فلن يكتب الله له نفقة ألف جرامٍ من الذهب؛ بل إن كانت صدقة الزكاة المفروضة فأمر الملك رقيب أن يكتب أن عبده تصدق بعشرة آلاف جرام من الذهب، وأمّا إذا كانت صدقة طوعيّة فيأمر الله الملك رقيب أن يكتب أن عبده تصدق بسبعمائة ألف جرام من الذهب، ألا وإن الفرق لعظيمٌ بين عشرة آلاف جرام من الذهب وبين سبعمائة ألف جرام من الذهب بينما النفقة هي الأساسية ليست إلا ألف جرام، فمن أكرم من الله أكرم الأكرمين؟
وبالنسبة لسؤال الذي تلقّاه المهديّ المنتظر من أحد الأنصار السابقين الأخيار بما يلي:
ومن ثمّ نردُّ بالجواب بالقول الصواب من مُحكم الكتاب ذكرى لأولي الألباب أنّ النصاب لزكاة الأموال هي إذا بلغت عشر جرامات من الذهب أو ما يساوي قيمتها من الدراهم الورقيّة حسب العُملة المُتبادلة في البلاد، ولا أجد فيمن يملك تسع جرامات من الذهب زكاةً كونه لم يبلغ نصابه المعلوم في الكتاب؛ بل في كُلّّ عشر جرامات نصاب، وإذا كانت تسعة عشر جرام من الذهب فلا نصاب غير نصاب العُشر للعشرة الأولى،، فإذا بلغت العشرون جرام صار نصابهم اثنين جرام، وكذلك الراتب إذا كان يساوي لقيمة عشر جرامات من الذهب ففيه نصاب، وإذا كان الراتب يساوي لقيمة تسعة عشر جراماً من الذهب فلا نصاب فيها غير نصاب العشرة، فإذا بلغ الراتب قيمته قيمة عشرين جرام من الذهب فنصابه ما يعادل قيمته جرامين اثنين من الذهب، ولا أقصد ما يعادل قيمته لجرامين اثنين من الذهب بإضافة سعر المصنعية التي يأخذها أصحاب محلات الذهب عند البيع والشراء بل أقصد سعر الذهب عالميّاً، وذلك لأنّ الذي يريد شراء ذهب سوف يكون غالياً عليه بسبب فارق شغل المصنعية التي حوّلت الذهب إلى حُليّ بل أقصد سعر الذهب عالمياً.
وكذلك نرد بالجواب لأحد الأنصار السائلين الذي يقول ما يلي:
ومن ثمّ نجيب على سؤاله الأول: إلى من نُخرج الزكاة؛ من سيجمعها؟ الجواب: يتمّ تسليمها إلى العاملين عليها المُكلفين بجمعها من قبل خليفة المُسلمين ولهم رواتب مُعتمدةً منها. ولذلك قال الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة:60].
وأما تقسيمها فيتولى النبيّ أو الخليفة تقسيمها في مصارفها الحقّ، ولم يجعل الله لأغنياء المُسلمين نصيباً في صدقة الزكاة المُسلَّمة إلى النبيّ إلا أن يشاء النبيّ أن يعطيهم لحكمة ليؤلّف بها قلوب أهل الدُنيا على الدين ليحببه إلى أنفسهم، ولا ينبغي لمن لم يعطهم منها شيئاً أن يسخطوا لأنها لم تفرض بسببهم، ولذلك كان من الأغنياء المنافقين من يسخط على النبيّ كون محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يعطهم منها شيئاً. وقال الله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿58﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ سَيُؤْتِينَا اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّـهِ رَاغِبُونَ ﴿59﴾ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿60﴾} صدق الله العظيم [التوبة]. وأما بالنسبة لما يسمّونه بالحول فليس ذلك يخصّ زكاة المال؛ بل المال إذا بلغ نصابه تمّ إخراج حقّ الله منه بشكلٍ مُباشرٍ أمر الله في مُحكم كتابه حتى لا يذهب نصابه بل يخرج حقّ الله منه العُشر على جَنْبٍ.
وأما بالنسبة للحول فيُخصّ الزكاة الأُخر التي تكبُر منذ الصغر كمثل زكاة الإبل والأغنام والبقر والثمر، ولها بيانٌ آخر في قدره المقدور.
- 3 - كلا، لا زكاة في المنزل ولا يدخل في تركة المواريث مع وجود الأبناء ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمد ُ لله رب العالمين..
سلامُ الله عليكم أخي الكريم وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، وأفتيك بالحقّ أنّي لا أجدُ في كتاب الله زكاةً على المنزل ولا أجرؤ أن أقول على الله غير الحق، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين.
وأما بالنسبة للذبح في عيد الأضحى المُبارك فهو سُنّةٌ واجبةٌ في الكتاب للمُقتدرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} صدق الله العظيم [الحج:36].
وذلك بمناسبة العيد الأكبر سواء كانوا في الديار أو في الحجيج. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} صدق الله العظيم [الحج:28].
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخي السائل الكريم، إنّي لا أجدُ زكاةً مفروضةً اسمها زكاة الفطر ولا زكاة رمضان في مُحكم القرآن، وإنّما كانت مجرد حيلةٍ من الحُكام وعلمائهم ليزيد دخل بيت المال ليس إلا؛ بل نستطيع أن نُفصِّل رُكن الزكاة المفروضة تفصيلاً من كتاب الله القرآن العظيم، فكيف يجعل الله زكاةً أخرى؟ بل ركن الزكاة واحدٌ في الإسلام، ونحنُ نتكلم عن الزكاة المفروضة رُكناً من أركان الإسلام وذات أهميةٍ كُبرى في الدين ودولة المُسلمين. وأما سؤالك الذي تقول فيه:
ومن ثمّ نردّ عليك بالحقّ إنّ الزكاة لم يجعلها الله حصرياً للفقراء والمساكين، وإنما جعل الله لهم نصيباً فيها من غير مقابلٍ، ونصيبهم هو فقط ما يكفي حاجتهم ويسدّ جوعهم، ولا نصيب للأغنياء فيها إلا بمُقابلٍ أو لحكمةٍ يراها الحاكم، ولكن العاملين عليها هو بمقابل عملهم، وكذلك كان محمدٌ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ينفق على جيشه من الزكاة. وقال الله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} صدق الله العظيم [المنافقون:7]. بلالزكاة مصرفها الأكبر هو في مصرفها السابع في سبيل الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:60].
ويشمل قول الله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللّهِ} مصارف كثيرة، ومنها إعداد القوة والعتاد للجيش في سبيل الله، ومنها رواتب العاملين عليها على مُختلف مجالاتهم، وتبنى عليها جميع مؤسسات الدولة الإسلاميّة، وتُضاف إلى بيت مال المُسلمين خُمس الغنيمة، وتضاف إلى بيت مال المُسلمين الجِزْية ومثل مقدارها كمثل مقدار الزكاة المفروضة بالضبط، وإنما تُسمى من المسلم زكاةً لأنّ الله سوف يزكيه بها ويطهره بها وأما غير المُسلم فتسمى جزية، وكذلك تضاف إلى بيت مال المُسلمين دخل مشاريع الدولة الإسلاميّة الاستثماريّة ويعمل العاملون عليها على تحسين اقتصاد البلاد. أم تظنّون العاملين عليها إنّما هم فقط الذين يتسلمونها؟ كلا؛ بل العاملون عليها جميع الذين لهم رواتب منها و تحمّلوا الأمانة ومسؤولية الأمّة على عاتقهم ويكون من ورائهم حاكمٌ لا يخاف في الله لومة لائم فلا يساوم في بيت المال، إن اكتشف السلب والنهب يُعاقب الذين هم ليسوا أهلاً للأمانة ويقيلهم من مناصبهم حتى ولو كان أخاه ابن أمّه وأبيه، وهكذا تعيش البلاد خالية من الفساد وينمو ويرقى اقتصاد البلاد ويتحسن معيشة العباد وينتهي الفساد برمّته ويعيش الناس بسلام آمنين، فسبب الفساد هو الفقر ولكنه ينتهي مع إقامة حدود الله في الأرض لمنع المُفسدين.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
سلامُ الله عليكم أحبّتي الأنصار جميعاً ذكرهم والأنثى ورحمة الله وبركاته، ونقطة السؤال هي كما يلي:
والجواب بالحقّ: إن حُلي الزينة من الذهب والفضة فيه زكاةٌ وحقّ لله معلومٌ ومثله كمثل باقي الأموال كوني لم أجدُ في كتاب الله أنّهُ رفع عن الذهب والفضة زكاة العُشر الذي يعدّ للزينة كونه لم يُعدّ للزينة حصرياً إلى الأبد؛ بل بمُجرد ما تأتي الحاجة إليه يقوم الزوجان ببيعه في السوق، فأصبح مثله كمثل المال المُدّخر لوقت الحاجة، ولكنّ الزكاة في الحُلي معلومة كذلك وليس في كُلّ مرة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [المعارج].
فأين المعلوم إذا كُنّ النساء يزكين حُليتهن في كُلّ عامٍ؟ إذاً فحتماً سيذهب حليّها جميعاً زكاة على مدار السنين و لن يبقى منه شيء، أو تكون قد أنفقت أضعاف مضاعفة قيمة حليّها زكاةً، فأين المعلوم؟ بل الزكاة المفروضة هي حقّ لله معلوم في حقّ عبده أو أمَته قدر معلوم في الكتاب إذا بلغ النصاب يتمّ استخراج حقّ الله فيه مرةً واحدةً للمالك، ومن ثم يصبح طاهراً وتطهرت قلوب أصحابه من الرجس. تصديقاً لقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:103].
ولكن إذا اكتسبت حُليّة جديدة بلغت النصاب فلتؤتِ حقَّ الله فيها، فإذا لم تجد فمنها فذلك حقّ لله مفروض ورُكنٌ من أركان الإسلام، ولا أعلمُ أنّ الله يتقبل صدقة النافلة ما لم تؤدَّ صدقة الفرض برغم أنّ أضعاف صدقة النافلة أضعافاً مُضاعفةً في الكتاب بفارق عظيم عن صدقة الزكاة الجبرية، ولكنها لا تقبل عند الله صدقة النافلة إلا باستخراج الصدقة الجبريّة لأنّه كان أمراً مفروضاً، فلا ينبغي للمؤمن بربِّه أن يُعرض عن أمر ربِّه.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ
أما بالنسبة لإخراجها فيكون إذا بلغ نصاب المال الجديد الزكاة ومن ثمّ يُستخرج منه حقّ الله المفروض في يوم اكتسابه وبلوغه النصاب. ولسوف أضرب لكم على ذلك مثلاً مما أخرج لكم الله من الحرث من الرزق فمتى أمر الله أن يستخرج حقّ الله منه؟ أليس ذلك في يوم اكتسابه وبلوغه النصاب؟ وتجدون الجواب في مُحكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} صدق الله العظيم [الأنعام:141].
وكذلك زكاة المال يؤتيه حقّه يوم اكتسابه لبلوغه نصاب الزكاة المفروضة في الكتاب، وليس شرط دفعها فور ذلك إلى المُوكل بها؛ بل استخراجها جانباً حتى إذا تيسر له دفعها إلى الموكل بها، ولكن لا يزكى المال غير مرةٍ واحدةٍ وبعد أن يستخرج حقّ الله منه فهو حرّ سواء يكنزه أم يصرفه فقد أصبح طاهراً مُطهراً،، وسوف يبارك الله له فيه فيجعله مالاً مباركاً ويخلفه خيراً مما أنفق أو يصرف عنه مصيبةً ستأكل ماله أو مصيبةً عن نفسه، ولن يقبل الله صلاة ولا صيام ولا حجّ الذين لم يؤدوا فرض الزكاة لأنّها أمرٌ إجباريّ من الله حقٌ مفروض على الأغنياء من المؤمنين ما داموا في الحياة حتى ولو كانوا على فراش الموت فلم يرفع الله عنهم صلاتهم ولا زكاتهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياً} صدق الله العظيم [مريم:31].
وكثيرٌ من أغنياء المؤمنين يتهاونون بأمر الزكاة، أفلا يعلمون أنّ الله لا يقبل عبادتهم حتى يؤدوا فرض الزكاة ولن ينالوا البرّ أبداً؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:92].
فأمّا قول الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فهو يخصّ صدقة الزكاة الجبريّة، وأما قول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} فهو يخصّ الصدقة الطوعيّة، وحين يأتي الأمر بالإنفاق فهو يقصد فرض الزكاة الجبريّة كونه لا يقبل عبادة الأغنياء حتى يؤدّونها. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:254].
والأغنياء الذين لم يؤدّوا الزكاة فقد ألقوا بأنفسهم بأيديهم إلى التهلكة في نار جهنم ولن يقبل الله من عملهم شيئاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:195].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} صدق الله العظيم [البقرة:267].
وقال الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:272].
وما أشدَّ هذا الأمر على المهديّ المنتظر كما كان شديداً على النبيّ عليه الصلاة والسلام خشية إيذاء المُنافقين والمُركسين، وكان أشدّ آيات النفقات على النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- هو حين جاء الأمر أنّ من خاطب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في مسألةٍ في الدين فعليه أن يقدم صدقة بين يديه إلى النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- إلا إذا لم يجد شيئاً وهي نفقة غير الزكاة. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينََ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿12﴾} صدق الله العظيم [المجادلة].
فعزَّ ذلك على بعض المؤمنين وهم يريدون أن يسألوا نبيَّهم عن دينهم، ومن ثمّ جاء قول الله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿13﴾} صدق الله العظيم [المجادلة].
وإنّما في ذلك حكمةٌ من الله بالغةٌ وذلك حتى يُخفِّف على المُسلمين المُساءلة في الدين فكثير من السائلين والمُنافقين سوف يسأل ولن يلتزم بما سأل عنه، ولكنه سوف يلتزم به سواه من المُتّقين فيثقل عليهم الأمر، والله يريدُ بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وما دامت في المسألة نفقةٌ فحتماً سوف يصمت المنافقون وأحباب المال حتى لا ينفقوا من مالهم شيئاً.
وكانت الآيات التي تحثّ المسلمين على النفقات هي من أشدِّ الآيات ثقلاً على لسان النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- وكاد أن يترك بعضها فلا يخبر بها المُسلمين خشية فتنتهم وأذى المنافقين الذين سيقولون فلو كان حقاً مرسلاً من الله فلمَ لا يلقي الله إليه كنزاً بدل الحاجة إلى الناس؟ وكان محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يتأذّى وكاد أن يتركها فيخفي الآيات التي تأمر بالإنفاق فلم يرد أن يخبرهم بها خشية إيذاء الذين لا يحبّون أن ينفقوا فتكون سبب فتنتهم أو السمَّاعين للمنافقين الذين سيقولون: "لولا ألقي إليه كنز من الله فلماذا يحيجه الله للناس؟". ولذلك قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} صدقق الله العظيم [هود:12].
وكذلك الإمام المهديّ، أقسم بالله العظيم أنّ أشدّ البيانات ثقلاً في الكتابة على يداي هي البيانات التي يأتي فيها ذكر الإنفاق خشية إيذاء المنافقين والذين لا يحبّون أن ينفقوا من الذين يحبّون المال حُبّاً جمّاً، ولكن لا أريد أن تكون لأحدٍ حجّة عليّ بين يدي الله فيحمّلني المسؤولية بأني كتمت من البيان الحقّ فيحاجني به عند ربي. اللهم قد ذكّرتُ بالقرآن من يخاف وعيد، اللهم فاشهد، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين.
وقد أراني الله جدي محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الرؤيا الحقّ فقال: [وإن من الأنصار من كان يفضل أن لا تأمرهم أن يؤدّوا فرض الزكاة حتى يُمكّنك الله في الأرض، ولكن ذلك خير لهم وأحبّّ إلى الله والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون] انتهى.
ولم يجعل الله الرؤيا الحُجّة عليكم بل سلطان العلم من الكتاب، فكم يؤذيني ذكر آيات النفقات وكم صار الإحراج عليّ هو أشدُّ من ذي قبل، ويزعم الذين يعرفونني جهرةً أنّه صار لديّ مالٌ ويقصدونني لقضاء حوائجهم فأعطيتهم مما أفاء الله عليَّ حتى صرت أستقرض المال لكي أعطيهم، ولا أقول إلا بما أمرنا الله أن نقول: {حَسْبُنَا اللَّـهُ سَيُؤْتِينَا اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّـهِ رَاغِبُونَ} صدق الله العظيم [التوبة:59].
والصلاة والسلام على مُحمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبين وكافة المُرسلين وآلهم الطيبين وجميع المُسلمين لله ربّ العالمين في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو المسلمين الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــ
ردّ الإمام ناصر محمد اليماني على أحد المستفتيين في إخراج الزكاة بمعرفة الدافع للزكاة شخصياً ومباشرةً الى الفقراء دون أن يأتيها الى الإمام العادل، فقال: سلامُ الله عليكم ورحمته وبركاته يا حبيبي في الله، بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
قال الله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صدق الله العظيم [البقرة:110].
فتجد أنّ الله أمر بالصلاة والزكاة ونصح بالإنفاق المباشر، ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صدق الله العظيم، وإنّما الزكاة هي غير الإنفاق المباشر للأقربين والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب. وقال الله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنبيّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونََ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُُ الْمُتَّقُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:177].
بل الزكاة غير الإنفاق المُباشر فليتدبر قول الله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} صدق الله العظيم، وأكرر النصح له أن يتدبر قول الله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} صدق الله العظيم، فكيف أنه ذكر الإنفاق المباشر لذوي القربى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب ولكنه لم يغنِ عن دفع فريضة الزكاة؟ ولذلك قال الله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} صدق الله العظيم.
برغم أنّ أجر الإنفاق المباشر لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب لهو أعظم أجراً عند الله من فريضة الزكاة بفارق ستمائة وتسعين ضعف، ورغم ذلك لم تغنِ عن دفع الزكاة لأنّ الزكاة في دفعها حكمةٌ بالغةٌ من الله وأمرٌ جبريٌّ على المؤمنين الذين بلغت أموالهم النصاب المذكور في محكم الكتاب كما سبق التفصيل من قبل.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ
- 9 - حسبي الله على الذين ينهون الناس عن المعروف للناس ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
سلام الله عليكم حبيبي ورحمة الله وبركاته، فمن ذا الذي أفتاك أن ( لا ) تعطيها فتبرّها لوجه الله الكريم؟ فلم ينهَكم الله عن الإحسان إلى الكافرين يا معشر المُسلمين أن تبرّوهم وتُقسِطوا إليهم تنالونَ محبة الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} صدق الله العظيم [الممتحنة:٨].
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ
الزكاةُ هي حقٌّ معلومٌ في أموالِكم، وما زاد على الحدّ يُكتب صدقةً نافلةً عند الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم، سلام الله عليكم ورحمة الله.. أحبّتي الأنصار والسائلون منهم والباحثون عن الحقّ، وأقول: لقد استوفى حقّ الله فيه وزاد فوق الوفاء، كون الزكاة هي حقٌّ معلومٌ في أموالِكم أي محدّدٌ وقد تجاوزت زكاتُه حدَّها فتكتب لكم الزيادةُ كصدقةٍ نافلةٍ عند الله، إنّ الله لا يُضيع أجر المحسنين.
وخلاصةُ القول فلا زكاةَ في ذلك المال المدَّخر الذي أخرجتُم منه حقّ الله المفروض، فقد أصبح طاهراً من حقِّ الله المفروض، بارك الله لكم فيه وزادَكم وجميعَ الأنصار والإمام المهديّ من فضلهِ، إنَّ ربي عزيزٌ وهّابٌ يرزقُ من يشاء بغيرِ حساب.
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ
الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 02 - 1433 هـ
13 - 01 - 2012 مـ
07:32 صباحاً
ــــــــــــــــــــ
بيانٌ فيه المزيد من تحديد نصاب فرض الزكاة ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجميع المسلمين إلى يوم الدين..
وهذا ردنا على السائلين بالنسبة لقدر زكاة الحليّ فهي العشر كما بيّنّاه من قبل، ويتمّ استخراجها على حسب سعر الذهب في يوم إخراج زكاة الذهب وليس حسب يوم شرائِه.
وزكاة الأموال ليس لها ميقاتٌ معلومٌ بل يستخرج حقّ الله فيها يوم اكتسابها.
وأمّا الميقات المعلوم هي التي يمر عليها الحول كزكاة الإبل والبقر وما دون ذلك من الأنعام، ولا يجوز للمتزكّي أن يختار الهزيلة فيها العجفاء من الشحم بل لن ينال البرَّ حتى يُخرج أحسن ما فيها، فمن له عشرٌ من الإبل فيخرج جملاً أو ناقةً وهو العاشر، وسواء يكون جملاً أو ناقةً فأهم شيء أن يكون قد استخرج أحسن ما فيها، إلا في حالةٍ واحدةٍ أن يكون الأحسن ما فيها جمل وهو الوحيد الفحل بين الإبل، فهنا لم يجعل الله عليه حرجاً أن ينفقه، وينال البر أن ينفق غير الفحل الوحيد، ولكن بشرط أن يكون أحسن ما فيها من بعد الفحل، كون الله لا يتقبل الصدقة الفرضيّة في الأنعام أن تنفقوا أهزلها. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:92].
فأمّا شطر الآية في قول الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ} صدق الله العظيم، فيقصد الصدقة الفرضيّة من الأنعام. ونستنبط أنّ الله لا يتقبل الهزيلة فيها، وأما شطر الآية في قول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم، فهو يقصد النفقة الطوعيّة، ويفتيكم أنه يتقبل أي شيء تنفقه طوعاً وليس شرطاً أن يكون الأحسن ما دامت صدقةً طوعيّةً فتنالوا البرَّ بأي شيء تنفقونه.
كمثل أن يكون عند أحدكم عشرة بدلات من الملابس فالصدقة منها طوعيّة ولم يشترط عليك الله أن تنفق أحسن ملابسك؛ بل ما تشاء منها، فيتقبل الله منك صدقةً طوعيّة، فليس في الصدقة شرط أن تنفق الأحسن في الصدقة الطوعيّة، ولكنها في الصدقة الفرضيّة فيكون الأحسن ما فيها شرطٌ. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرّ حَتّىَ تُنْفِقُواْ مِمّا تُحِبّونَ}، ولكن ليس شرطاً أن تنفقوا كل ما تحبون.
وعلى سبيل المثال فلو أنّ مع أحدكم مائة من الإبل وأحسن ما فيها عشرة من الجمال والنوق، فلم يأمره الله أن يأخذ العُشر من أحسن ما في إبله، بل يقتسم هو وربّه فيعطي ربّه الخمس من الأحسن ويعوّض الخمسَ بما دونهن خمساً أخرى. ويحقّ له أن يشتريها من ربّه بشرط أن يكون حسب سعر سوقها كون من الإبل من تبكي إذا فارقت صاحبها إذا كان بها حنون.
ويحق للمتزكي أن يستخرج زكاة الأنعام ومن ثمّ يبيعها بسعر سوقها ويدفع ثمنها كون العاملين عليها سوف يكلفهم إطعامها مبلغاً من المال حتى يذهب بها إلى المكلفين باستلامها.
وكذلك يحقّ لعمال بيت مال المسلمين تحويل أيّ زكاةٍ عينيّة إلى زكاةٍ نقديّة، وكذلك يحقّ للمتزكي تحويل الزكاة العينيّة إلى زكاة نقديّة حسب سعر سوقها، فهو مؤتمن على بيعها بأن يبيعها بحسب سعر سوقها ويحرص في بيعها بأحسن سعر يعطى فيه في السوق، وكأنّه سوف يبيعها لنفسه فهو المؤتمن عليها، ويدع قيمتها إلى عامل ولي أمر المسلمين، ويأخذ إيصالاً بذلك. وليس شرطاً أن يجلب العينيات بذاتها بل المهم أنه استخرج تماماً حقّ الله في ما أنعم الله عليكم من بهيمة الأنعام.
وكذلك تجزي في بعض الأحيان زكاةٌ واحدةٌ على الأنعام والمال، كمثل أن يكون لأحدكم مائة من الإبل ويريد بيعها بمبلغٍ من المال، فإنه يأخذ من قيمة الإبل التي باعها عشْرَ المبلغ ويجزي عن زكاة الإبل وزكاة المال المكتسب الذي هو ثمن بيعها وكذلك البقر وكذلك الغنم. ولا أجد في الكتاب أنّ زكاة الأنعام تؤدى إلا مرةً واحدةً، وإذا حال الحول عليها فينظر صاحبها فإذا الإبل لا تزال التسع الأولى التي زكّى عليها من قبل في العام الماضي بالعشر فلا زكاة عليها مرةً أخرى كون حقّ الله معلوم سواء في الزكاة العينيّة أو الزكاة النقديّة، وما تمّ استخراج حقّ الله فيه فقد أصبح طاهراً مطهراً ففي كلّ عشر من الأنعام العُشْر، وإذا حال على الإبل التسع الحَول فلم يجد صاحبها إلا أنه زاد جملاً فعادت عشراً فلا زكاة فيها، وإن زادت احدى عشر فلا زكاة فيها، وهكذا حتى تبلغ تسعة عشر فلا زكاة فيها، فإذا بلغت الزيادة عشراً فأصبحت عشرون وجبت الزكاة عليها، فيخرج حقّ الله منها العِشْر من الإبل التي لم يسبق الزكاة عليها والعَشْر الأولى صارت طاهرةً ومباركةً فلا زكاة عليها إلا مرةً واحدةً فقط، ففي كل عَشْرٍ حق الله هو العُشْرُ.
ولا ترفع الصلاة والزكاة عن المسلم ما دام حياً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [مريم]، أي مدة دوامي حيّاً.
ولا تقبل الصدقة الطوعيّة إلا بدفع صدقة الزكاة الفرضيّة وهذا بالنسبة للأغنياء برغم أن أجر الصدقة الطوعيّة أجرٌ أعظم عند الله من صدقة الزكاة الفرضيّة بفارق ستمائة وتسعون ضعفاً، وقد أفتاكم بضعف صدقة الزكاة الفرضيّة فإن حسنتها تكتب وكأنه أنفق عشر أمثالها. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:160].
ولربّما يودّ أن يقاطعني محمد العربي والذي غيّر عضويته إلى (نورهم يسعى بين أيديهم) وقد سأل الإمام المهدي على الخاص في العام الذي تبيّن فيه بيان الزكاة فقال: "فهل لا يقبل الله الصدقة الطوعيّة إلا بدفع صدقة الزكاة الجبريّة؟" ومن ثم نقول: يا حبيبي في الله إنما ذلك الشرط يطبق فقط على الأغنياء، فإن الله يؤخّر قبول الصدقة الطوعيّة حتى يدفعوا الصدقة الجبريّة، وأما الفقراء فيتقبل الله صدقتهم الطوعيّة، وليست عليهم صدقةً جبريّةً، كون الصدقة الجبريّة هي فقط في حقّ الأغنياء على الفقراء.
ولربّما يودّ أن يقاطعني أحد السائلين فيقول يا إمامي: "ولكني وكأني أرى في الكتاب أنّ الله أمر عبادة المسلمين بإنفاق جميع أموالهم في سبيل الله، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة]".
فتقول أمة الله: "يا إمامي فهل الله أمرنا أن ننفق كافة ما اكتسبناه من الذهب والفضة؟" ومن ثمّ نردّ عليها ونقول: يا أمة الله إنما نصيب الله في أموال الأغنياء حقّ معلوم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} صدق الله العظيم [المعارج:24].
ومن ثم تقول أمة الله: "فكم المعلوم؟" ومن ثمّ يردّ عليها الإمام المهدي ونقول: إنّ المعلوم هو جرامٌ في كلّ عشرة جرامات فيصبح حقّ الله المعلوم جراماً واحداً فقط في كل عشرة جرامات، وفي المائة الجرام من الذهب أو الفضة عشرة جرامات، فبما أن حسنتها في الكتاب وكأنما أنفق عشر أمثالها فيصبح وكأنه أنفق ماله من الذهب أو الفضة جميعاً برغم أنّه لم ينفق إلا عشرة جرامات من كل مائة جرامٍ من الذهب أو الفضة، ولكن العشرة بعشر أمثالها، فيصبح وكأنّه أنفق ماله المكتسب من الذهب أو الفضة جميعاً.
وكذلك فحين يأخذ منها حقّ الله الجبريّ أحسن العشر ما دون الفحل فلا زكاة فيها من بعد ذلك وكأنه أنفقها جميعاً كون النفقة بعشر أمثالها، ولا زكاة على تسعة عشر من الإبل أو الغنم أو البقر غير واحدة فقط حتى إذا بلغت العشرون فيستخرج اثنتين إلا أن يكون قد أدّى حق الله من العشر الأولى فواحدة فقط.
وخلاصة هذا البيان للمزيد من تحديد نصاب فرض الزكاة نقول:
أنّ حقّ الله في أموالكم وأنعامكم العُشْر، وآتوه حقه يوم اكتسابه أو حصاده، وأما التي يحول عليها الحول فهي الإبل والبقر والضأن والماعز وهو العشر، ولا تؤخذ إلا مرةً واحدةً ولا تزكّى في كلّ حولٍ إلا الزيادة فقط إذا بلغ النصاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} صدق الله العظيم [المعارج:24].
وأما الصدقات الطوعيّة فتفرق عن أضعاف صدقة الزكاة الجبريّة بستمائة وتسعون ضعفاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:261].
وكما قلنا أنّ صدقة الزكاة الجبريّة فأجرها وكأنّما أنفق المال المكتسب كله بمعنى وكأنّك أنفقت كلّ مالك، وعلى سبيل المثال: فلو أنّ مع أحدكم مائة جرامٍ من الذهب فأخرج منها نصيب الله وهي صدقة الزكاة الجبريّة فيخرج عشرة جرامات ذهبٍ من كل مائة جرامٍ أو جراماً من كل عشرة جراماتٍ أو ما يعادل قيمته نقداً فكأنما أنفق ذلك المال جميعاً. وذلك هو البيان الحق لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
ولكن هل معنى ذلك أنّ الله أمركم أن تُنفقوا أموالكم من الذهب والفضة جميعاً؟ والجواب سبق قبل هذا، فلم يأمركم إلا باستخراج العُشْرِ فيها، وبما أنّ الحسنة بعَشْرِ أمثالها فكأنّكم أنفقتموها في سبيل الله جميعاً، فكونوا من الشاكرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُُ الرَّازِقِينَ} صدق الله العظيم [سبأ:39].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 03 - 1433 هـ
11 - 02 - 2012 مـ
05:41 صباحاً
ــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.. إنّ الزكاة على تلك السلسلة الذهبية التي تزن 18 غرام فحقّ الله فيها العشر فقط أي جراماً واحداً فقط في العشرة جرامات الأولى، وأمّا الثمانية الجرام فلا زكاة فيها كونها لم تبلغ النصاب.
فإن كان استخراج الجرام من ذاتها يعيبها فلا حرج عليها في دين الله ولم يأمرها الله ببيعها كون حقّ الله فيها معلوم؛ بل تبقيها في عنقها حتى يفيء الله عليها ولو بعد حين، ومن ثمّ تعطي حقّ الله المعلوم، وما جعل الله عليكم في الدين من حرجٍ وهو الغفور الشكور.. أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني. ــــــــــــــــــــــ - 3 -
الإمام ناصر محمد اليماني
20 - 02 - 1433 هـ
15 - 01 - 2012 مـ
06:05 صباحاً
ــــــــــــــــــــ
يا معشر المُسلمين طهِّروا أموالكم بالزكاة يبارك الله لكم فيها ويطهِّر قلوبكم..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي مُحمد رسول الله وآله الأطهار، وجميع أنصار الله الواحد القهار إلى اليوم الآخر، أما بعد..
ويا أيها السائل الكريم العليم الثابت على الصراط المُستقيم حبيب قلبي أبو محمد الكعبي، لقد سبقت الفتوى بالحقّ أنّ حقّ الله المفروض في أموال المُسلمين الأغنياء حقّ معلوم، فلو أنّ إنساناً امتلك مليار دولار ومن ثمّ استخرج عِشْرُ المليار الدولار حقّ الله المعلوم فيه، فهُنا قد أصبح ماله المتبقي طاهراً مُطهراً، ومن ثُمّ اشترى من ماله الطاهر ألفاً من الإبل وألفاً من البقر وألفاً من الماعز وألفاً من الضأن وألف كيلو غرام من الذهب وألف كيلو غرام من الفضة فلم يفرض الله عليهم زكاتهم جميعاً مرةً أخرى، كون شراؤها جميعاً هو من مالٍ طاهرٍ من حقّ الله المفروض في أموال الأغنياء وهو حقّ معلومٌ في الكتاب وهو العُشر كما سبق تفصيله بالحقّ من مُحكم الكتاب ذكرى لأولي الألباب. ولكن إذا دار عليها الحول فزادت الإبل وبلغت الزيادة النصاب فهُنا يجب عليه فقط أن يستخرج حقّ الله المعلوم فيه فقط من الأموال التي زادت من بعد التطهير، وأما ما سبق تطهيره من حقّ الله سواء في الإبل أو البقر أو الأغنام فلا زكاة فيهما جميعاً مرةً أخرى ما دام قد تمّ شراءها من مال سبق تطهيره من حقّ الله فيه الجبري المفروض، فليكنز القناطير المقنطرةِ من الذهب والفضة وهو من الآمنين الذين استخرجوا حقّ الله المعلوم في أموالهم، فلا زكاة عليها مرةً أخرى ما دامت ملكه.
وأما إذا قسّم الغني تركته بين أولاده سواء في حياته أو ورثوه من بعد مماته فمن بعد تقسيم التركة بين الورثة فليعلموا جميعاً أنّ الله لم يفرض الزكاة على والدهم فقط كون صلاة أبيهم وزكاته هي له يجدها عند ربّه وليس لأولاده منها شيء، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النجم].
فهل صلاة الوالد تجزي عن صلوات أولاده؟ فَلِمَ يفرض عليهم الصلاة؟ والجواب معلوم لديكم، كلا؛ بل كما فرض الله على الوالد الزكاة فكذلك الأولاد والورثة لم يرفع الله عنهم زكاة أموالهم التي ورثوها، فلا يتمّ رفع الزكاة عن المُسلم ما دامت الحياة تسري في جسده. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} صدق الله العظيم [مريم:31].
والزكاة كذلك كتابٌ موقوت، وميقات استخراج حقّ الله فيها يوم حصادها أو يوم اكتسابها حتى يصبح ماله طاهراً من حقّ الله المفروض فيها، ولا زكاة في أموال المُسلمين غير مرة واحدة إلّا في الزيادة من بعد التطهير إذا بلغت النصاب المفروض فيه الزكاة، ولم يأمركم الله بدفع الزكاة العينيّة شرطاً سواء من الأنعام أو من الحرث كون منها ما سوف يموت جوعاً عند العاملين عليها، وكون منها ما سوف يتلف كالفاكهة قبل أن تصل إلى بيت مال المسلمين، وحتى ولو وصلت فما الفائدة؟ فسوف تتلف في المخازن قبل أن يصل الفقراء والمساكين حقُهم منها.
وما نُريد قوله: فمن كانت له مزرعةً من برتقالٍ أو موزٍ أو تفاحٍ أو أعنابٍ أو غير ذلك من الفواكه فإن باعها نقداً فحقّ الله في ثَمَنِها العُشْرُ، وإن لم يبعها وإنما كان يأكل منها هو وأولاده فليعطي السائلين منها، وليس فيها حقّ يُرْسَلُ إلى بيت مال المُسلمين ما لم يتم بيعها بثمن مادي، فبقي عليه فقط حقّ السائلين المساكين الذين يأتون إلى مزرعته لِيُشْبع جوعهم، فليعطهم مما أعطاه الله ما تيسر لكلٍ منهم، ومن حرّم حقّ المساكين السائلين من ثمار جنته حرّمه الله ثمار جنته في الدنيا إن كان يُريد له من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ليرجع إلى ربّه. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴿١٧﴾ وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴿١٨﴾ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿١٩﴾فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴿٢٠﴾ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿٢١﴾ أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ ﴿٢٢﴾ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿٢٣﴾ أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ ﴿٢٤﴾ وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴿٢٥﴾ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿٢٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٢٧﴾ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴿٢٨﴾ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٢٩﴾ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴿٣٠﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿٣١﴾ عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴿٣٢﴾ كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [القلم].
وأما أصحاب التجارة المتعددة وهم أصحاب الدخل المتفرق، فلا حرج عليه أن يستخرج حقّ الله منها بشكل يومي؛ بل حين الجرد وحساب الربح من الخسارة وبعد دفع رواتب العاملين عليها إن كان لديه عمال للبيع والشراء، فإذا وجد أنها زادت له الأرباح فالزكاة في الربح الزائد على رأس المال ومن بعد خصم أجور العاملين على تجارته من الربح، فإذا بلغت الأرباح النصاب أعطى حقّ الله المفروض فيها، وإن وجد أنه قد خسر في تجارته فليراجع حسابه مع ربّه، فهل أعطى حقّ الله في يوم اكتساب ذلك المال الذي كوّن به تجارته؟
وأما أصحاب الدخل المحدود كمثل أهل الرواتب الزهيدة ففي ذلك نَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَة، فحق الله فيها ما ادّخره منها وبلغ النصاب، فأمّا إذا كان الراتب بالكاد لا يكفي معيشته هو وأولاده فلم يجعل الله عليه في راتبه نصيباً مفروضاً، وما جعل الله عليكم في الدين من حرج، ولكن من أعطى منها ربّه وآثر الناس على نفسه ولو كان به وأولاده خصاصة فقد أعطى ربّه من عسرٍ، فأولئك هم الذين يصل أجرهم إلى أكثر من سبعمائة ضعف، فإذا كان الغني يقتحم العقبة بفكّ رقبةٍ من الموت مُقابل الديّة المُغرية لأولياء المقتول ظلماً وأجره عند الله وكأنّما أحيا الناس جميعاً، فيعلن الله من وراء الحجاب أنّ عبدي فلان قد اقتحم العقبة وغفر له ربه ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيثبته على الصراط المُستقيم حتى يلقى الله بقلبٍ سليم، وأما الفقير فلم يحرّمه الله أن يقتحم العقبة ولكنه سهل سبحانه ثمن اقتحام العقبة علي الفقير بوجبة طعام في يومٍ ذي مسغبةٍ وشدةٍ عليه، فوجد مسكيناً يكاد يموت جوعاً، فقال: لقد بلغ بهذا الرجل الجوع أشدّ من جوعي، ومن ثُمّ يُعطي الفقير وجبته ليتيمٍ ذي مقربة أو لمسكينٍ ذي متربه وينام بجوعه، فهُنا يتمّ الإعلان للملأ الأعلى بصوت الرحمن من وراء الحجاب فيشهدهم أنّه قد غفر لعبده فلان ما تقدم من ذنبه وما تأخر واقتحم العقبة ويثبته الله على الصراط المُستقيم حتى يلقى الله بقلبٍ سليم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿١٤﴾ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [البلد].
ويا معشر المُسلمين طهِّروا أموالكم يبارك الله لكم فيها ويطهّر قلوبكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:103].
واتّقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ النفس في ذاتِ كلٍّ منكم شيطانٌ عدوٌّ لصاحبها تأمركم بالشحّ وتعدكم بالفقر لئن أنفقتم في سبيل الله، والله يعدُكم مغفرةً منه وأجراً عظيماً. تصديقًا لقول الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:268].
ولربّما يودّ أن يقاطعني أحد السائلين فيقول: فهل تأمر النفس صاحبها بالسوء كما يأمر به الشيطان؟ ومن ثمّ نردّ عليه بقول الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٤٠﴾ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النازعات].
ومن ثُمّ يقاطعني سائل آخر فيقول: وهل النفس كذلك تأمر صاحبها بالبخل ويجب على المؤمن أن يمنع شُحَّ نفسه؟ ومن ثمّ نردّ عليه بالجواب من مُحكم الكتاب؛ قال الله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء:128]. وقال الله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [الحشر:9].
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر مُحمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــ
ردّ الإمام المهديّ إلى علي بن علي، ومرةً ثانية لن أجادلك إلا باسمك الرباعي وصورتك الحقّ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله وآلهم وجميع المؤمنين، أمّا بعد..
وأقول يا علي بن علي مرةً ثانية لن أجادلك إلا باسمك الرباعي وصورتك الحقّ، غير أني أراك تريد أن تلبس الحقّ بالباطل في زكاة العشر من الذهب وقد حاولتَ سرقة المعلومات هاتفيّاً أو أحدٌ عن طريقك فلم نُفِدْكَ بشيءٍ إلا بما قد كتبناه، وكنت تحاول أن تفهم الأوزان القديمة وتسمياتها ولم نفتِك كونه لم يتمّ تنزيلها بعد في بيانٍ. فمن ثمّ نقيم عليك الحجّة بالحقّ ونقول: لو كنت تريد الحقّ فلماذا تترك كافة الزكوات الأُخَر كونها كذلك العشر هو فرض الزكاة في الأنعام والثمار؟ وعلى سبيل المثال زكاة الحبوب ففي العشرة الأقداح قدحٌ؛ أيْ القدح العاشر فهو العشر. وفي العشرون القدح كيسٌ بمعيار قدحين، كون العشرون قدحاً تعادل عشرة أكياسٍ من حبوب القمح أو غيره، بمعنى أنّ زكاتُها الكيسَ العاشر.
وبالنسبة لنصاب الأنعام، فنصابها العشر سواء في البقر أو في المعز أو الضأن أو الإبل فنصابها كذلك العشر، ونصابها بالحول وليس حين حصادها. وبالنسبة للأوزان، فلكلّ أمّةٍ تسمياتها فكانت العرب تسمّي الملّي بالنّقير، وأما الجرام فيسمونه قطمير، وأما الكيلو جرام فيسمونه قنطارًا. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ( 20 ) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ( 21 )} صدق الله العظيم [النساء].
ولذلك جاء ثقل الأوزان الثلاثة في الكتاب ومنها قول الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} صدق الله العظيم [النساء:53]، وهو ما يسمونه اليوم بالملّي.
وأما جنيه الذهب فكانوا يسمّونه ديناراً، وأمّا عملة الفضة فيسمونها درهماً. والذي يهمنا هو العشر من الذهب أو الفضة، وكذلك ذَكَرَ الكتابُ مثقالَ الذرة التي لا تَرى بالعين المجردة وتتكون منها جزيئات الكون. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)} صدق الله العظيم [سبأ].
وحتى لا نخرج عن الموضوع فما يهمّنا هو العشر سواء في الذهب أو الفضة أو في الأنعام أو في الحبوب أو في الخضروات، وليست دقتها شرطاً في الوزن كون ذلك يعود بحسب ما لدى الأمّة من تقنية دقّة الأوزان، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها؛ بل قدر المستطاع. وعلى سبيل المثال لدى أحدكم مائة غرسة من أعنابٍ وجاء حصادها فعدّ صاحب جنّة الأعناب منها عشرة غرساتٍ عدداً، أي عشرةٌ من الأشجار التي يراها من الشجر المحمّلة بالعنب، أي المحملة بالعنب وليس أردَؤها. فمن ثم قطفها للمساكين من أصحاب قريته وباع الأُخَر للمقتدرين كون الخضروات تتلف لو تمّ تسليمها لبيت مال المسلمين. وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "ولماذا الشرط أن تكون من الشجر المحمّلات بالعنب؟". فمن ثم نكتفي بالردّ عليه بقول الله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا أخي الكريم إن كنت باحثاً عن الحقّ فانظر إلى نفسك فهل تريد الحقّ وتتمنى اتّباعه؟ فحتماً سيبصرك الله بالحقّ. وأمّا إذا كنت تبحث عن ثغراتٍ تظنّها فسوف تقع في الفخ ولن يهديك الله أبداً، فأصدق الله يصدقك، وأعلم أنّ الله يعلم ما في نفسك فاحذره. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)} صدق الله العظيم [البقرة]. كونك ترى علم الإمام المهديّ المنتظَر بحراً هادراً غير أنه بحرٌ عذْبٌٌ سائغٌ شرابه وليس ملحاً أجاجاً، ويجري من منبعه بإذن الله إلى ما يشاء الله! ولا ننتقص من حقّ العلماء فلديهم شيءٌ من الحقّ وباطلٌ ما أنزل الله به من سلطانٍ، فهو مختلطٌ حقٌ وباطلٌ، ولكن الإمام المهديّ بحرٌ علمُه؛ بحراً عذباً جميعه؛ خيرٌ كثيرٌ وصافٍّ مصفّى كمثل قول الله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13)} صدق الله العظيم [فاطر].
ونعود ونقول فما يهمنا في هذا البيان هو العشر العاشر من كلّ ما كان فيه نصابٌ، فمن ثم نأتي إلى بيان قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم [التوبة].
والسؤال الذي يطرح نفسه: فهل أمركم الله بإنفاق أموالكم جميعها حتى يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم؟ فتدبرْ {يُنفِقُونَهَا}؛ أي ينفقونها جميعاً، ولكن الله لم يأمركم إلا بإنفاق العشر من المُدَّخر. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} صدق الله العظيم [المعارج].
وبما أنّ المعلوم العشر تصديقاً لقول الله تعالى: {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)} صدق الله العظيم [الأنعام]، فلا تناقض في كتاب الله يا علي، فلو لم تؤمن بهذه الآية فأتحداك أن تبين لنا المقصود من قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم [التوبة].
فهل أمركم الله أمراً جبريّاً أن تنفقوا أموالكم جميعها؟ والجواب في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} صدق الله العظيم [المعارج]. إذاً فكم المعلوم؟ والجواب: فلا بدّ حتماً أن يكون العشر لا ينقص ولا يزيد فرض الزكاة، فإذا أنفق العشر فبما أنّ الحسنة الفرضيّة بعشر أمثالها فكأنما أنفق ماله كلّه، فلو أنفق عشرة جرامات من كلّ مائة جرام من الذهب أو الفضة وبما أنّ الحسنة بعشر أمثالها فسوف تُكتب له كأنّه أنفق المائة الجرام كلّها. وذلك هو البيان الحق لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم [التوبة].
_________________
أيا علوي علي لا أراك شيخاً عالماً؛ بل مجرد ممترٍ مجادلٍ بغير علمٍ! وكان جدالنا معك في عشر الزكاة الحسنة المفروضة في مال المسلمزكاة المال المدّخر عشرة إذا بلغ النصاب سواء عملةً ورقيّةً أو معدنيّةً أو حبوباً أو أنعاماً. أفلا تؤمن بأنّ لكلّ شيءٍ عِشْرٌ أو خمسٌ أو سدسٌ أو ثلثٌ؟ وأنت تجادل بالأوزان والتسميات ولكن ما يهمنا هو أنّ الزكاة المفروضة العُشر وجميع الحسنات الفرضيّة كمثل الصلاة والصيام والزكاة والحجّ كذلك تكتب في كتاب الحسنات عَشْرُ أمثالها ولا تكتب حسنةٌ واحدةٌ بل عَشْرُ أمثالها. وتلك فتوى الله في محكم كتابه في قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:160].
فعلى سبيل المثال، أوّل ما فرضت الصلاة خمسين صلاةٍ في الليلة واليوم وخففها الله إلى خمس صلواتٍ حتى تكتب بعَشر أمثالها فتعود في الأجر كخمسين صلاةٍ في الليلة واليوم، وكذلك صيام شهر رمضان بعَشر أمثاله، وكذلك الحجّ بعَشر أمثاله. وهذا ناموس أعمال الحسنات الفرضيّة في الكتاب، فكذلك الزكاة العُشر في المال المدّخر سواء كان معدنيّاً أو ورقيّاً فحقّ الله فيه العُشر، وذلك حتى يكتبه الله له كأنّه أنفق ماله المدّخر جميعاً فادّخره عند الله، وذلك فضلٌ من الله على عباده.
وعلى سبيل المثال، فلو معك مائة ألف درهمٍ أو دينارٍ سواء كانت معدنيّةً أم ورقيّةً مالاً مدّخراً فحقّ الله فيه عُشْره، فإذا كانت نفقتك الجبريّة خالصةً لوجه الله ولا تريد من وراء ذلك جزاءً دنيويّاً ولا شكوراً ولا رياءً فيوحي الله إلى رقيب أن يكتب لك أنك أنفقت مالك المدّخر كله كونك أنفقت العُشر منه وبما أنّ الحسنة بعشر أمثالها فأصبحتَ كأنك أنفقت مالك المكنوز كله. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:160].
فتلك مسألةٌ حسابيّةٌ في منتهى الدّقة، فلو نقول حقّ الله المفروض أقلّ من ذلك فعلى سبيل المثال: التسع، فسوف يكون هناك خللٌ في ميزان الحسنات في الكتاب، ويختل بيان قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم [التوبة].
ألا وإنّ المال المكنوز هو المدّخر ولكنّ حقّ الله فيه معلومٌ مرةً واحدةً وهو العُشر، فحين يخرج منه حقّ الله المفروض الزكاة العُشر فأصبح طاهراً وكأنه أنفقه كله كونه أنفق عُشره، وبما أنّ الحسنة الفرضيّة تكتب بعشر أمثالها فكأنه أنفق ماله المكنوز كلّه، وذلك بيان قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} صدق الله العظيم.
ولا تناقض في كتاب الله كونه لم يأمر المؤمنين أن ينفقوا مالهم المدّخر أي جميع مالهم المكنوز كون ذلك سوف يتعارض مع قول الله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)} صدق الله العظيم [المعارج].
ألا وإنّ حقّ الله المعلوم في أموالهم المكنوزة العُشر، فلا تناقض في كتاب الله يا علوي علي حتى يأمرهم الله أن ينفقوا مالهم المدّخر المكنوز جميعاً؛ بل العُشر، وبما أنّ الحسنة الفرضيّة بعشر أمثالها فكأنهم أنفقوه جميعاً. فاتقِ الله أخي الكريم ولا تكن من الذين قال الله عنهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)} صدق الله العظيم [غافر]. ألا وإنّ بيان القرآن بالقرآن مترابطٌ محكمٌ كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً ويُبيّن بعضه بعضاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34)} صدق الله العظيم [النور].
ولن نفتح لك قسماً خاصاً بواجهة الموقع - كما تحبّ الشهرة أن يكون لك قسمٌ خاصٌ بواجهة الموقع - كونك لست عالِماً؛ بل تجادل من عند نفسك ولن تستطيع أن تأخذ آيةً فتأتي بالبيان الحقّ لها خيراً من الإمام المهديّ وأحسن تفسيراً كونك تجادل بغير سلطانٍ من الله آتاك، فلا تكن من الذين قال الله عنهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8)} صدق الله العظيم [الحج]، كوني أراك تجادل في آيات الله من عند نفسك والشيطان، فلا تكن من الذين قال الله عنهم: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} صدق الله العظيم [غافر].
فكأني أراك منهم من الذين لا يهتدون، وسوف تنال مقت الله ومقت الذين آمنوا بسبب إعراضك عن البيان الحقّ لآيات ربهم؛ بل مقت الله لك أكبر من مقتهم لك. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10)} صدق الله العظيم [غافر].
فهل جاءك من العلم ما هو أهدى مما علّم به الله خليفته الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني؟ فأتِ به إن كنت من الصادقين. ولكنك تحاول أن تلبس الحقّ بالباطل وتصدّ عن الحقّ من ربّ العالمين، وللأسف فكأنّه بتعمدٍ منك تصدّ عن الحقّ بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ.
وبالنسبة للجْنَة التي تريد تكليفها فأتمنى تعريفهم لنا من الأنصار حسب قولك وليس من أنصار الإمام المهديّ، فأيّ لجنةٍ تتجرأ على إنكار الحقّ؟ فيا ليتك تُعْلِمنا بهم من الأنصار فنجعل المباهلة بين الإمام المهديّ ومن كان معك، كونه لم يبايع أصلاً بيعة حقٍّ؛ بل دخل بالكفر وخرج به إن كنت من الصادقين أن لديك لجنةً بين أنصارنا، وأعلمُ أنك تسعى لفتنة الذين في قلوبهم مرض الشكّ من الأنصار.
وأشكر الله على غربلة أنصاري، فوالله ثمّ والله لا ولن تستطيع فتنة أحدٍ من عبيد النعيم الأعظم من قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه، ويا رجل، لا نحتاج إلى لجانٍ؛ بل لسلطان العلم الحقّ من الرحمن من محكم القرآن.
وبالنسبة للمباهلة فبما أنّ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يجادل بعلمٍ وهدًى من الكتاب المنير القرآن العظيم فقال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} صدق الله العظيم [آل عمران].
فإذا كنت تريد أن تقوم بتنزيل صورتك بجانب اسمك وفي هذه الصفحة فنختم الحوار بالمباهلة، ولكن قبل المباهلة هات ما لديك من العلم من الله من القرآن العظيم، وهيهات هيهات وربّ الأرض والسماوات لا تأتينا بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيراً منك بإذن الله. وسبب رفضي أن يكون لك قسمٌ كونك لست عالماً، وما دُمت تبحث ليلاً نهاراً لعلك تجد حجّةً ولو من خرم إبره فأبشّرك مزكيّاً بشراي لك بالقسم بالله العظيم لو قرأت كافة بيانات الإمام المهديّ آلاف البيانات على مدار اثني عشرة سنة ونيفا فبدل أن يزيدك الرحمن نوراً وهدًى بالبيان الحقّ للقرآن فللأسف؛ بل سوف تزيدك البيانات رجساً إلى رجسك! تالله لا يُبَصّر الله أحداً من عباده بالحقّ إلا إذا علم أنّ عبده يريد اتّباع الحقّ ولا غير الحقّ يريد سبيلاً. بل أرى كبراً وحقداً يملأ قلبك تجاه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني، فإذا كنت كذلك يا علوي علي فلن يهديك الله إلى الحقّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} صدق الله العظيم [غافر]. ولا أظنّك من شياطين البشر ولكن أخذتك العزّة بالإثم ولذلك لا تبحث عن الحقّ وإنما تبحث في البيانات لعلك تجد لك ثغرةً تجادل بها، ولن تجد بإذن الله.
ويا رجل اتّقِ الله وأنِبْ إلى ربك ليهدِ قلبك وادعو الله مخلصاً له الدين فقل:
"اللهم إن كنت ترى أني أدعو إلى مباهلة المهديّ المنتظَر الحقّ من عندك فيا ويلي من عذاب يومٍ عقيمٍ وعذاب الجحيم، كون من باهل المهديّ المنتظَر الحقّ فقد حقّت عليه لعنة الله وطرده الله من رحمته وغضب عليه وأعدّ له عذاباً مقيماً في نار الجحيم".
ففكّر وقدّر فقد صار وضعك في خطرٍ عظيمٍ، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. تالله ولا أتمنى أن تنالَ لعنة الله وغضبه؛ بل رحمته ونعيم رضوان نفسه، فكن من الشاكرين أنْ قدر الله وجودك في أمّة الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني، وكن من الشاكرين إذ أعثرك الله على دعوته في عصر الحوار من قبل الظهور، فدَعْ الكبر والغرور للشيطان ولا تكن للشيطان ولياً، وأنِب بقلبٍ خاشعٍ إلى ربّك أن يجعل بعث الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني عليك نعمةً وليست نقمةً، وتمنّى من ربك اتّباع الحقّ، وأصدق الله يصدقك ويهدي قلبك وكن من الشاكرين. وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله وعبده الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_______________
أما بالنسبة لإخراجها فيكون إذا بلغ نصاب المال الجديد الزكاة ومن ثمّ يُستخرج منه حقّ الله المفروض في يوم اكتسابه وبلوغه النصاب. ولسوف أضرب لكم على ذلك مثلاً مما أخرج لكم الله من الحرث من الرزق فمتى أمر الله أن يستخرج حقّ الله منه؟ أليس ذلك في يوم اكتسابه وبلوغه النصاب؟ وتجدون الجواب في مُحكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} صدق الله العظيم [الأنعام:141]، وكذلك زكاة المال يؤتيه حقّه يوم اكتسابه لبلوغه نصاب الزكاة المفروضة في الكتاب، وليس شرط دفعها فور ذلك إلى المُوكل بها؛ بل استخراجها جانباً حتى إذا تيسر له دفعها إلى الموكل بها، ولكن لا يزكى المال غير مرةٍ واحدةٍ وبعد أن يستخرج حقّ الله منه فهو حرّ سواء يكنزه أم يصرفه فقد أصبح طاهراً مُطهراً، وسوف يبارك الله له فيه فيجعله مالاً مباركاً ويخلفه خيراً مما أنفق أو يصرف عنه مصيبةً ستأكل ماله أو مصيبةً عن نفسه، ولن يقبل الله صلاة ولا صيام ولا حجّ الذين لم يؤدّوا فرض الزكاة لأنّها أمرٌ إجباريّ من الله حقٌ مفروض على الأغنياء من المؤمنين ما داموا في الحياة حتى ولو كانوا على فراش الموت فلم يرفع الله عنهم صلاتهم ولا زكاتهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} صدق الله العظيم [مريم:31].
وكثيرٌ من أغنياء المؤمنين يتهاونون بأمر الزكاة، أفلا يعلمون أنّ الله لا يقبل عبادتهم حتى يؤدّوا فرض الزكاة ولن ينالوا البرّ أبداً؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
فأمّا قول الله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فهو يخصّ صدقة الزكاة الجبريّة، وأما قول الله تعالى: {وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ} فهو يخصّ الصدقة الطوعيّة، وحين يأتي الأمر بالإنفاق فهو يقصد فرض الزكاة الجبريّة كونه لا يقبل عبادة الأغنياء حتى يؤدّونها. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٥٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
والأغنياء الذين لم يؤدّوا الزكاة فقد ألقوا بأنفسهم بأيديهم إلى التهلكة في نار جهنم ولن يقبل الله من عملهم شيئاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٩٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿٢٦٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقال الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّـهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وما أشدَّ هذا الأمر على المهديّ المنتظر كما كان شديداً على النبيّ عليه الصلاة والسلام خشية إيذاء المنافقين والمركسين، وكانت أشدّ آيات النفقات على النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - هو حين جاء الأمر أنّ من خاطب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في مسألةٍ في الدين فعليه أن يقدم صدقةً بين يديه إلى النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا إذا لم يجد شيئاً وهي نفقة غير الزكاة. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [المجادلة].
فعزَّ ذلك على بعض المؤمنين وهم يريدون أن يسألوا نبيَّهم عن دينهم، ومن ثمّ جاء قول الله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٣﴾} صدق الله العظيم [المجادلة].
وإنّما في ذلك حكمةٌ من الله بالغةٌ وذلك حتى يخفِّف على المسلمين المساءلة في الدين فكثير من السائلين والمنافقين سوف يسأل ولن يلتزم بما سأل عنه، ولكنه سوف يلتزم به سواه من المُتّقين فيثقل عليهم الأمر، والله يريدُ بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وما دامت في المسألة نفقةٌ فحتماً سوف يصمت المنافقون وأحباب المال حتى لا ينفقوا من مالهم شيئاً.
وكانت الآيات التي تحثّ المسلمين على النفقات هي من أشدِّ الآيات ثقلاً على لسان النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وكاد أن يترك بعضها فلا يخبر بها المسلمين خشية فتنتهم وأذى المنافقين الذين سيقولون: "فلو كان حقاً مرسلاً من الله فلمَ لا يلقي الله إليه كنزاً بدل الحاجة إلى الناس؟"، وكان محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يتأذّى وكاد أن يتركها فيُخفي الآيات التي تأمر بالإنفاق فلم يرد أن يخبرهم بها خشية إيذاء الذين لا يحبّون أن ينفقوا فتكون سبب فتنتهم أو السمَّاعين للمنافقين الذين سيقولون: "لولا ألقي إليه كنز من الله فلماذا يحيجه الله للناس؟". ولذلك قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [هود].
وكذلك الإمام المهديّ، أقسم بالله العظيم أنّ أشدّ البيانات ثقلاً في الكتابة على يداي هي البيانات التي يأتي فيها ذكر الإنفاق خشية إيذاء المنافقين والذين لا يحبّون أن ينفقوا من الذين يحبّون المال حُبّاً جمّاً، ولكن لا أريد أن تكون لأحدٍ حجّة علي بين يدي الله فيحمّلني المسؤولية بأني كتمت من البيان الحقّ فيحاجني به عند ربي. اللهم قد ذكّرتُ بالقرآن من يخاف وعيد، اللهم فاشهد، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.
وقد أراني الله جدي محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الرؤيا الحقّ فقال: [وإن من الأنصار من كان يفضل أن لا تأمرهم أن يؤدّوا فرض الزكاة حتى يُمكّنك الله في الأرض، ولكن ذلك خير لهم وأحبّ إلى الله والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون] انتهى.
ولم يجعل الله الرؤيا الحُجّة عليكم بل سلطان العلم من الكتاب، فكم يؤذيني ذكر آيات النفقات وكم صار الإحراج علي هو أشدُّ من ذي قبل، ويزعم الذين يعرفونني جهرةً أنّه صار لديّ مالٌ ويقصدونني لقضاء حوائجهم فأعطيتهم مما أفاء الله علي حتى صرت أستقرض المال لكي أعطيهم، ولا أقول إلا بما أمرنا الله أن نقول: {حَسْبُنَا اللَّـهُ سَيُؤْتِينَا اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّـهِ رَاغِبُونَ} صدق الله العظيم [التوبة:59].
والصلاة والسلام على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبين وكافة المرسلين وآلهم الطيبين وجميع المسلمين لله ربّ العالمين في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمد لله ربّ العالمين..