سلام على من اتّبع الهدى و بعد؛ قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.
كما استحفظ النبّيون و الربّانيّون و الأحبارعلى كتاب الله أي على بيانه الحقّ يحكمون به بين النّاس بما علّمهم الله من علمه و كانوا عليه شهداء فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم و قال له تعالى:وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ.
ثمّ أمرنا الله بطاعته و طاعة نبيّه و أولي الأمر منّا أئمّة الكتاب الذين يحكمون بيننا بما استحفظوا عليه من كتاب الله و ممّا علّمهم الله من علمه قال تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (81) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً(82)
ففي هذه الآيات نبهّ الله نبيّه أنّ هناك من سيفتري عليه غير الذي يقول و يبيّت ما لا يرضى الله من قول و ينشر في النّاس الأكاذيب على الله و رسوله و يكذبون على رسول الله و يضعون عليه أحاديث ما أنزل الله بها سلطان و لكن الله سبق أن تعهد بحفظ القرآن من عبث العابثين و من التحريف و هذه آية أخرى تؤكّد أنّ الله قد حفظ لنا ذكره الحكيم بقوله: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً. فقول الله واحد و حكمه قاطع و و الذين سيستنبطون لنا الأحكام منه هم الذين زادهم الله بسطة في علم الكتاب و الذين استحفظوا من كتاب الله لذلك قال تعالى:وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا.
فبالله عليك كيف يستنبطون لنا من كتاب الله لو لم يصطفيهم الله تعالى و يزيدهم بسطة في العلم و يستحفظهم على كتابه و كيف يأمرنا لله بتدبّر كتابه القرآن العظيم لو لم يقل مسبقا: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.
و سبق قد قلنا لك أنّ الإمام قد أفتى بوجود قراءة واحدة و انتظر البيان الحقّ لهذه المسألة و دع عنك الجدال بغير علم و لا هدى و كتاب منير و لو تدبّرت بقيّة البيانات لكان خيرا لك و لشرح الله صدرك للحقّ و يبقى هذا المنتدى صرحا عظيما من العلم تذلّ أمامه رقاب المعاندين و المكابرين و سأتحدّك الآن بسؤال و تبيّن لي معنى قوله تعالى:فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ. و أخبرني أتُقرأُ تَدَّعُونَ أم تَدْعُونَ؟ و هل يتغيّر مراد الله إذا قرأنا بكلتا القراءتين؟ فإن أجبت نعم أقول لك كيف تدّعي أنّ هناك قراءات و مراد الله واحد و الله أمرنا بتدبّر كتابه لأنّ قوله محكم و فيصل فيما اختلفنا فيه من الحقّ بإذنه.
و إن أجبت لا أي كلا الكلمتين صحيحة وهي تفيد مراد الله أقول لك كذبت على الله و رسوله و أقول: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.و هذه الآية لوحدها كفيلة بإلجامك لتعلم أنّ كلام الله واحد و مراده واحد و لا توجد قراءات بل هي قراءة واحدة يحكم بها أئمّة الكتاب بين النّاس بما استحفظهم الله على كتابه و الإمام ناصر محمد اليماني خاتم خلفاء الله في الأرض و الشاهد بالحقّ على صدق نبوّة محمد صلى الله عليه و آله و سلّم و صاحب علم الكتاب؛ قال تعالى: وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ.