سلام الله على الباحثين عن الحقّ و المبتغين رضوان الله تعالى؛ قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.
صدق الإمام ناصر محمد اليماني عليه الصلاة و السلام في فتواه عن غسل الأرجل فكيف يأمر الله تعالى بغسل الوجوه و الأيدي ثمّ يأمرنا بمسح الأرجل وهي أكثر أعضاء الجسد عرضة للأوساخ و أكثرها طلبا للغسل بالماء لشدّة تعرّقها و تعرّضها للأوساخ.
فلو اعتبرنا أنّ المسح يكون للأرجل فسياق الآية يقول لنا أنّ مسح الرأس يكون إلى الكعبين!! و بالطبع هذا ما لا يقبله عقل فمتى كان في الرأس كعبين؟ قال تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. فمن قال بالمسح على الأرجل فلا ينسى المسح على الرأس و لا ينسى قوله تعالى: إِلَى الْكَعْبَيْنِ.
و لكن الله تعالى استهلّ قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا. فالغسل بالماء هو الفعل الطّاغي في الوضوء و مراعاة للترتيب قال تعالى بعد قوله:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ. قال: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ لأنّ الرأس ليس محلّ غسل بل هو محلّ مسح ثمّ عادت الآية لسياقها الأوّل في الغسل فقال تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.
و أيضا فلو كان سياق الآية في الوضوء كلّه غسل لتعسّر علينا الأمر فكيف يأمرنا بغسل رؤوسنا فهذا يلزم المشقّة و العسر و الأصل في العبادات أنّها جبلت على التيسير قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
و هناك مسألة أخرى هامّة، إذا كان المسح هو الأصل في الأرجل عند الوضوء فلِمَ الله تعالى لا يأمرنا بالمسح عليهما أيضا في التيمّم مادامتا عضوين لا يشملهما الغسل في الوضوء فلا بأس بأن يكونا من بين أعضاء التيمّم؟ و لكنّ الله تعالى قال:وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ ليَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 6 ).
و قولك أخي:أليس الـتـيمّم أن يُـمسَحَ ما كـان غـسلاً و يُـلْغى ما كـان مـسحاً؟ هذا قول عامر الشعبي و اجتهاد منه و استنباط مبني على ظنّ مع عدم وجود نصّ صريح.
و قوله تعالى:وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. هو إحالة قوله تعالى:وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إلى الفعل المبتدأ أي قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا.
و سلام الله عليكم و رحمته و بركاته و نعيم رضوانه.