بسم الله الرحمن الرحيم
اقتباس من بيان الإمام ناصر محمد اليماني خليفة الله على العالمين
(( فقد بين الله لكم في هذه الآية المحكمة بأن التناسل لم يتجاوز الذكر والأنثى من أولاد آدم إلا الذين غيروا خلق الله، كما تريدون إثبات تلك الشريعة الباطلة بتغيير خلق الله بأن لابد من إناث من غير ذرية آدم حتى يتم التناسل بادئ الأمر بينهم، وهذا ما تبين لي من ردودكم وهو ما تريدون التوصل إليه، ولكني أكرر: لا أريد أن أفتي بأنكم من شياطين البشر حتى تعرضوا عن ذكر الرحمن فتتبعوا ما لم ينزل الله به من سلطان بحجة أنه كيف ينكح الأخ أخته؟ وقد أفتيناكم بآيات محكمات بينات أنه: لا حجة لله على هابيل وقابيل بسبب نكاح أخواتهم نظرا لأنهم لم يأتوا بعد رسل منهم بشرع ربهم وأخبركم الله بذلك أنه لا حجة له عليهم ولن يحاسبهم على ذلك تصديقا لقول الله تعالى: { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما (165) }صدق الله العظيم. أفلا ترون أنه لا تثريب عليهم ولا حساب؟ نظرا لعدم إقامة الحجة لربهم عليهم بسبب أنه لم يأتهم رسول حرم عليهم ذلك فعصوا أمر ربه ))
انتهى الإققنباس اعلاه
******************************
- 8 -
الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 11 - 1429 هـ
23 - 11 - 2008 مـ
11:14 مســاءً
ــــــــــــــــــــــ
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } صدق الله العظيم ..
أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ﴿٣﴾ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [الحج]، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين وبعد..
أيها الشاهدُ والمُستشار لكل دعوى بُرهانٌ وسلطانٌ بيِّنٌ، وبما أنكم تدَّعون بأن التناسل للبشرية في العهد القديم كان في حرثٍ آخرَ وليس في أزواجٍ منهم من أنفسهم، قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين؟ وذلك لأني لا أجد في القرآن ما تدَّعون وإذا تعلمون بسلطانكم على دعواكم فأْتوا به فلكل دعوى برهان، ولا تجادلوا في آياتِ الله بغير سلطانٍ أتاكم، فإن فعلتم فقد خالفتم أمر الرحمن واتّبعتم أمر الشيطان بقولكم على الله ما لا تعلمون، ذلك لأن الله قال بأن أزواجنا من ذات أنفسنا وليس من خلقٍ آخر إلا الذين غيَّروا خلق الله فنكحوا إناث الشياطين من شياطين البشر فاستكثروا منهم خلقاً كثيراً من البشر تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا ﴿١١٧﴾ لَّعَنَهُ اللَّـهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿١١٨﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ﴿١١٩﴾ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿١٢٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].
أولئك الذين غيّروا خلق الله من شياطين البشر من الذين يعبدون الطاغوت من دون الله وهم يعلمون ويُمنِِّيهم ويَعِدُهم وما يَعِدُهم الشيطان إلا غروراً، وأمَرهم أن يُغيّروا خلق الله فتَغشَّوا إناث الشياطين من الجنّ فاستكثروا منهم خلقاً كثيراً آباؤهم من شياطين البشر وأمهاتهم من إناث الشياطين فاستكثروا من ذُريات البشر خلقاً كثيراً ليكونوا من جيش الطاغوت كما أفتيناكم بأن أمهاتِهم من الجنّ وآباءهم من الإنس وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿١٢٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
كما أفتيتكم بالأمس؛ إني أرى جدالكم حقاً يُراد به باطل، وأقصد جدالكم إذ كيف تَحلّ الأخت لأخيها فلا بُدّ من إناثٍ من غير ذُرية آدم، فهل تريدون تغيير خلق الله كما يفعل شياطين البشر الذين أطاعوا الطاغوت فغيّروا خلق الله فنكحوا إناثاً لم يخلُقهن الله من أنفسِهم وغيّروا خلق الله تنفيذاً لأمر الشيطان؟ ولو أنكم لم تفصحوا بذلك وكأنكم من شياطين البشر أو تتخبطكم مسوس الشياطين فيوحون إليكم أن تجادلوا الحقّ بالباطل الذي ما أنزل الله به من سلطان، وأما حجتكم إذ كيف يُجامع الأخ أخته فهذا حقٌ يُراد به باطلٌ وقد جاء التشريع الحقّ وحرّم ذلك، وحدث ذلك قبل نزول التشريع وليس عليهم في ذلك شيءٌ حتى يأتي التحريم وما كان الله لِيُحاسبهم على ذلك ما لم يبعث إليهم رسولاً يُحلّ لهم ما أحلّه الله ويُحرِّم عليهم ما حرَّم الله وعفا الله عما سلف ومن لم يتُب فأولئك هم الظالمون، وقال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} صدق الله العظيم [الإسراء:15].
ولم أجد الأزواج أتت إلينا من خلقٍ آخرَ فلا تفتروا على الله الكذب وقد أفتاكم الله في مُحكم كتابه أن أزواجكم من أنفسكممن البداية وليس من خلقٍ آخرَ وقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾} صدق الله العظيم [الروم].
فمن أين جئتم لأولاد آدم بإناثٍ من غير ذرية آدم؟ ولَم آخُذ بالي (لحكمةٍ إلهيّةٍ) ما كنتم تريدون إثباته! وظننتُ أنكم تريدون المعنى الحقّ لكلمة: {بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}، أيْ: بثّ من ذُرية آدم وحواء رجالاً كثيراً ونساءً فجعل الله لنا أزواجاً من أنفسنا وليس من ذُريات الشياطين، ولربما تقولان: "ولكننا لم نقصد إناث الجنّ"، أقول: نعم لم تُفصحوا بذلك إذاً لاكْتُشِف أمركم وما تريدون ولكن لربما ذلك بغير قصدٍ منكم، ولذلك لا أريد أن أحكم عليكم بظلمٍ بغير الحقّ، والمطلوب منكم أن تأتوا ببرهانٍ مبينٍ كيف كان التناسل لذرية آدم الأولى، فلا أجد في الكتاب! وليس معنى ذلك أني لم أُفتِكم كيف كان التناسل بل أفتيتكم بالحقّ بأني لم أجد أزواجاً لنا من غير أنفسنا، وقال الله تعالى: {وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّـهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [النحل].
فاتقوا الله، تالله لقد أصبحتُ في شكٍّ من أمركم غير إني لا أريد أن أظلمكم إن كنتم لا تريدون غير الحقّ ولذلك سوف أُرجِئ الحكم عليكم فهذا جدال قومٍ يريدون لفت الانتباه إلى إناثٍ من خلقٍ آخرَ تمَّ التزاوج بينهم بادئ الرأي حتى لا ينكح أولادُ آدم أخواتِهم، وقد يراه الباحث شيئاً منطقياً فلا بُدّ من إناثٍ من خلقٍ آخرَ؛ فكيف يتزوج الأخ أخته؟ ومن ثم أردّ عليكم بالحقّ وأقول: تالله لولا جاء الشرع وحرّم ذلك لكان الأمر شيئاً طبيعياً أن ينكح الأخ أخته فينجب منها ذريته، ولكن نظراً لأن الشرع جاء من أوّل مرةٍ بتحريم ذلك وعفا الله عما سلف ولم يصِفْهم الله بأولاد زنى كما يقول أحدُ المُمترين ويتلفظ على الإمام المهدي بإثمٍ كبير.
ويا معشر الأنصار، لَئِنْ أقام هؤلاء على إمامكم الحجّة فإياكم أن تتبعوني ما لم تجدوا إمامكم هو المُهيمِن بالبيان الحقّ للقرآن العظيم، وأما موضوع هؤلاء فإن تدبَّرتم ردودهم فسوف تستنتجون ما يريدون أن يقولوه فيتوصلون إليه بوسوسةٍ من الشيطان وليس بتفهيمٍ من الرحمن، ومن ثم يقولون: إذاً يا ناصر اليماني أنت لم تأتِ بالبرهان كيف تمّ التزاوج بين أبناء آدم، فإن قلتَ: أنجبوا من أخواتِهم أولادَهم فأصبحوا عيال عمٍّ ومن ثم تزوَّجَت البنتُ ولدَ عمّها، ومن ثم نقول لك: وكيف يجوز أن ينكح الأخ أخته؟ ومن ثم أردّ عليكم وأقول: بسبب أنهم لا يعلمون أن ذلك محرَّمٌ عليهم بسبب عدم وجود التشريع؛ بل وعدهم الله بالشريعة والمنهاج من بعد خروجهم إلى حيث أنتموقال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
ونحن نعلم بأن آدم ليس برسولٍ بل نبيٌّ ولكن المنهج لا يأتي به الأنبياء؛ بل يأتي به الرُسل، وإنما يورث الأنبياء علم كتب المرسلين وكل رسولٍ نبيٌّ وليس كل نبيٍّ رسولاً، ولكن آدم يعلم منهج العبودية لربّه كما علَّمه الله ولكنه لم يبعثه بالتشريع؛ بل الرسل جاءت من ذُرية آدم تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم، ولن يُحاسب أولاد آدم الأولين بسبب نِكاحهم لأخواتهم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} صدق الله العظيم [الإسراء:15].
وذلك لأن لهم حُجةً على ربّهم إن لم يبعث إليهم رسولاً ليُحرِّم عليهم ذلك، فإن ثبت أن الله ابتعث إليهم رسولاً ليُبيِّن لهم التشريع في الزواج ومن ثم عصوا أمر ربّهم فهنا قامت على هابيل وقابيل الحجّة فيُعذِّبهم الله بسبب نكاحهم لأخواتهم، وأما إذا ثبت أنهم نكحوا أخواتهم من قبل مبعث الرسل إليهم فلا حُجة لله عليهم؛ بل الحجّة لهم على الله بسبب عدم بعث الرسول الذي ينهاهم عن ذلك وقال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٤٨﴾}[الأنعام].
إذاً الرُسل هم حُجّة الله على الناس وقبل مبعثهم فلا حُجّة لله عليهم تصديقاً لقول الله تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم [النساء].
أفلا ترون بأن لأولاد آدم حجةً على ربّهم لَئِن حاسبهم على نكاح أخواتهم بادئ الأمر نظراً لعدم وجود شرعٍ يُحرِّم ذلك عليهم؟ ومن بعد التحريم فمن اتَّبع الحقّ فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٤٨﴾} صدق الله العظيم.
وأراكم تُطالبون بسلطان الفتوى بالحقّ كيف تمَّ التناسل فأردُّ عليكم وأقول: إنكم تُجادلون بذات السُلطان المُحكم الواضح والبيِّن في هذا الشأن وهو قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم [النساء:1].
فقد بيَّن الله لكم في هذه الآية المُحكمة بأن التناسل لم يتجاوز الذكر والأنثى من أولاد آدم إلا الذين غيَّروا خلق الله، كما تريدون إثبات تلك الشريعة الباطلة بتغيير خلق الله بأن لابُدّ من إناثٍ من غير ذُرية آدم حتى يتم التناسل بادئ الأمر بينهم، وهذا ما تبيَّن لي من ردودكم وهو ما تُريدون التوصل إليه، ولكني أكرر: لا أريد أن أفتي بأنكم من شياطين البشر حتى تُعرضوا عن ذِكر الرحمن فتتبعوا ما لم يُنزل الله به من سُلطان بحجة أنه كيف ينكح الأخ أخته؟ وقد أفتيناكم بآياتٍ مُحكماتٍ بيِّناتٍ أنهُ: لا حُجة لله على هابيل وقابيل بسبب نكاح أخواتهم نظراً لأنهم لم يأتوا بعدُ رسُلٌ منهم بشرع ربّهم وأخبركم الله بذلك أنه لا حُجة له عليهم ولن يُحاسبهم على ذلك تصديقاً لقول الله تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم. أفلا ترون أنه لا تثريب عليهم ولا حساب؟ نظراً لعدم إقامة الحجّة لربِّهم عليهم بسبب أنه لم يأتِهم رسولٌ حرَّم عليهم ذلك فعصوا أمر ربهم.
فليستمر الحوار بين المهديّ المنتظَر والمُستشار وشاهدهُ إن لم يكن هو، وظننت فيك الخير لأنه أعجبني قولك بادئ الرأي حتى تبيَّن لي ما تُريد أن تُفتي به وهو وجود حرثٍ آخرَ ذرأ الله فيه ذُرية آدم الأولى، ولكني أعلم بأن هذا الحرث الذي تريد البرهان له بتغيير خلق الله حرثٌ خبيثٌ لا يخرج نباته إلا نكدا، وإذا قيل له اتَّقِ الله أخذته العزة بالإثم بعدما تبيَّن له الحقّ فلا يتّخذه سبيلا أولئك ذُريات قومٍ يُعجبك قولهم في الحياة الدنيا وهم من ألدّ الخصام لله ربّ العالمين تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿٢٠٤﴾ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿٢٠٥﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٢٠٦﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ولن تُفلتا من الحقّ فإن كنتم من الذين يريدون الحقّ فاتّبعوا الحقّ بعدما تبين لكم أنه الحقّ وقد فصلناه تفصيلاً. ولربما يود المُستشار أو الشاهد أن يُقاطعني فيقول: "يا ناصر محمد اليماني، إنك تفتي بأن الذي لم يُصدِّقك فيتّبعك بأنه شيطانٌ مريدٌ"، ومن ثم أرد عليه وأقول: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وبيني وبين الناس كتاب الله وسنة رسوله فمن غَلبتُه بكتاب الله وسنة رسوله ثم لم يتبع الحقّ وهو يؤمن به وليس من الكافرين ثم لا يتخذه سبيلاً ويجادل بالباطل ليدحض به الحقّ فقد تبيَّن لي شأنه ولن أظلم أحداً بإذن الله، فالذين يريدون الحقّ سوف يُبيِّنهم الله لي بالحقّ، ولربما يجادلوني بادئ الأمر جدلاً كبيراً حتى إذا حصحص لهم الحقّ اتَّقَوا الله، فإن كان المُستشار والشاهد حقاً من الباحثين عن الحقّ فسوف يتّبعون الحقّ إن تبيَّن لهم أنه الحقّ فسوف يتّبعونه ولن تأخذهم العزّة بالإثم بعدما تبيَّن لهم الحقّ من ربّهم، وأما آخرون فلن يزيدهم البيان الحقّ إلا رجساً إلى رجسهم لأنه تبيَّن لهم أنه الحقّ من ربّهم ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، اللهم إن كان المُستشار وشاهده يريدون الحقّ فاهدهم إليه وإن كان ناصر محمد اليماني على الباطل وهم على الحقّ فاجعل لهم الحجّة على ناصر محمد اليماني، اللهم إني عبدك وخليفتك بالحقّ أُجادِل الناس بالقرآن العظيم حُجتك على محمدٍ رسول الله إن لم يُبلغ برسالتك؛ وحجتك وحُجة رسولك على قومه من بعد التبليغ فيكون عليهم شهيداً؛ وحُجة قومه وحُجتهم على الناس من بعد التبليغ فجعلتَهم شُهداء بالحقّ، وإن لم يفعلوا فما بلَّغوا رسالة ربّهم للناس إن اتخذوه مهجوراً تصديقاً لقولك الحق: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف]، فإن لم يفعل مُحمدٌ رسول الله ولم يُبلِّغ به قومه فحسابه على ربِّه ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً، وإن بلَّغ به قومه فقد جعل الله الذِّكر حُجته عليهم وحُجة رسوله وجعل رسولهم عليهم شهيداً من بعد التبليغ لهم ليُبلِّغوا برسالة ربّهم إلى الناس أجمعين، فإن لم يفعل قومُه كان على الله حسابهم ولن يجدوا لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً، وإن فعلوا وبلَّغوا رسالة ربّهم إلى الناس فسوف يجعل الله الذِّكر حُجته على الناس وحجتهم على الناس ويجعل قومه شُهداء بالحقّ أنهم بلَّغوا برسالة ربّهم ذِكر العالمين لمن شاء منهم أن يستقيم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} صدق الله العظيم [البقرة:143].
اللهم قد علّمتَ عبدَك البيان الحقّ وإني أَشهد أنه لم يُعلِّمني سواك وبلَّغتُهم بكثيرٍ من البيان الحقّ للقرآن ولا أزال أُفصِّل لهم تفصيلاً من مُحكم كتابك، اللهم إن كُنتَ تعلم أن عبدك يدعو إليك على بصيرة الحقّ القرآن العظيم فاجعل لعبدك الحجّة على كافة علماء الأمّة، وإن كان ناصر محمد اليماني على ضلالٍ فاجعل لهم الحجّة على ناصر محمد اليماني والحُكم لك إلهي وأنت خير الحاكمين.
ويا أيها المُستشار وشاهده - إن لم تكونا واحداً - إني أدعوكما إلى كتاب الله القرآن العظيم وسنة محمدٍ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم التي لا تُخالِف لمحكم كتابه في شيءٍ ومَن استمسك بكتاب الله وسنة رسوله الحقّ فقد هُدِي إلى صراطٍ مستقيمٍ والحُكم لله وهو أسرع الحاسبين.
وأراكم تقولون بأنكم أعجزتم ناصر محمد اليماني، وها أنا ذا أُشهِد الله وكفى بالله شهيداً بأنه إذا غلبني عالمٌ يُحاورني بالقرآن العظيم فمن اتّبع ناصر محمد اليماني من بعد ذلك فإنه من الذين يستمسكون بأئمتهم ويجادلون عنهم بغير الحقّ حتى ولو تبيَّن لهم أن إمامهم كان من الضالين حتى ولو كان منهم ناصر محمد اليماني إذا أتاكم عالِمٌ آخرُ بعلمٍ أهدى من علم ناصر محمد اليماني فقد تبين لكم بأني لست إمامَ حقٍ أَهدي بالحقّ إلى صراطٍ مستقيمٍ ما دمتم وجدتم أحداً غلبني بعلمٍ وسلطانٍ منيرٍ هو أهدى من علمي وأقوم قيلاً وأحسن تفسيراً، فقد أيَّدكم الله بعقولٍ فاستخدموها ولا تتبعوا ما ليس لكم به علمٌ كعلم المُستشار والشاهد الذين لم يأتوا حتى بدليلٍ واحدٍ فقط من مُحكم القرآن العظيم أن ذرية آدم الأولى تمّ إنجابهم من إناث خلقٍ آخر، قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين.
أخو المسلمين؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ} صدق الله العظيم [البقرة:204].