- 2 -
الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 01 - 1431 هـ
07 - 01 - 2010 مـ
19 : 09 مساءً
ـــــــــــــــــــــ
ظهور المهديّ المنتظَر للبشر جهرةً هو من بعد التصديق عند البيت العتيق
اقتباس المشاركة :السلام على من اتبع الهدى , فأن كنت اماما مهديا بأمر الله سبحانه , ناصرا لرسول الله صلى الله عليه و سلم . فلن يستطيع احد قتلك الا بامر الله . هل هذا صحيح ؟ و ان لم يكن بمقدره احد ان يؤذيك , فلماذا لا تخرج الى الشوارع و البلدان , و الى الناس و الحكومات , تدعوهم الى الحق ان كنت على حق ؟ لماذا تجلس خلف حاسوبك انت ومن معك ان كنت لا تصاب بأذى الا بأمر الله سبحانه و تعالى ؟ ارجو من الاخوه الصبر معي , و ارجو من شيخكم ان يجيب جوابا مباشرا , دون الاطاله كي يبين الحق من الباطل , لاني قد رأيت انه في معظم اجاباتك انك تجيب باطاله كي تخلط الاوراق على السائل , اتمنى ان يكون عندكم الحق , و ان يهديكم الله . و السلام عليكم .
أخي السائل، عليك أن تعلم أنّ ظهور المهديّ المنتظَر للبشر جهرةً هو من بعد التّصديق عند البيت العتيق للمُبايعة الجهريّة على الحقّ وما فعلت ذلك عن أمري، وبالنسبة للنّاس فإنّ الذي على الحقّ ويدعو إلى الحقّ كان حقاً على الله أن ينصره فيدافع عنهُ. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يحبّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} صدق الله العظيم [الحج:38].
ما لم يرجو المؤمن الشهادة في سبيل الله، ولكن الذين يريدون الشهادة في سبيل الله يحبّون الجنّة فهم لها مُستعجلون، أفلا يعلمون أنّ بقاءهم على قيد الحياة حتّى يُشاركوا في إعلاء كلمة الله وحتّى يتحقق الهدف فتكون كلمة الله هي العُليا هو خيرٌ لهم ولأمّتهم؟ وذلك لأنّ موتهم خسارة على الإسلام والمُسلمين؛ بل هو خيرٌ لهم من أن يتمنّوا الشهادة من بادئ الأمر، وذلك لأنّ الهدف لم يتحقق حتّى إذا تحقق الهدف فصارت كلمة الحقّ هي العليا في العالمين ومن ثمّ يموتون على أسِرّتِهم فإنّ هذا هو من فاز فوزاً عظيماً وسوف يدخله الله الجنّة فور موته فيجد أنّ أجره عند الله هو أعظم من الذي تمنّى الشهادة من بادئ الأمر قبل أن يتحقّق في حياته إعلاء كلمة الله، أفلا يعلم أنّ أجره قد وقع على الله ما دام في سبيل الله فيدخله جنّته فور موته وليس شرطاً أن يقتل في سبيل الله. وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثمّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} صدق الله العظيم [النساء:100].
فما دامت هجرته إلى الله وحياته من أجل الله فلا ينبغي للمؤمن أن يحبّ الحياة والبقاء فيها إلا من أجل الله وليس مفتوناً بحبّ الدّنيا، وكذلك أريد من كافة أنصاري أن لا يتمنّوا الشهادة في سبيل الله إلا من بعد تحقيق الهدف فيهدي الله بهم البشر ويبلّغون البيان الحقّ للذكر ويتمنّون أن يكونوا سبب الخير للبشر وليس سبب المصيبة لأنّ قتلهم مصيبةٌ على من قتلهم وسوف يدخله الله النّار فور موته ويدخل من قُتل منهم فور موته جنّته، ولكنّ الله لم يأمرنا بقتال النّاس حتّى يكونوا مؤمنين؛ بل نحن دُعاة مهديّون إلى الصراط المستقيم نطمح في تحقيق السلام العالمي بين شعوب البشر ورفع الظلم عن المُسلم والكافر ونتبع ما أمرنا الله في مُحكم كتابه أن نبرّ الكافرين الذين لا يقاتلونا في ديننا ونقسط فيهم ونكرمهم ونحترمهم ونقول لهم قولاً كريماً ونُخالقهم الأخلاق الحسنة فنُعامل الكافرين كما نُعامل إخواننا المؤمنين ثمّ ننال محبة الله إن فعلنا، إن الله لا يخلف الميعاد.
تصديقاً لقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يحبّ الْمُقْسِطِينَ} صدق الله العظيم [الممتحنة:8].
فلم يأمرنا الله أن نُعلن العداء على الكافرين؛ بل أمرنا الله أن نبرّهم ونقسط إليهم إن أردنا أن ننال حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه، فما بالكم يا معشر المؤمنين تتمنّون أن تُقاتلوا الكافرين حتّى يحقِّق الله لكم ما ترجون؟ أفلا تجعلون نظرتكم كبيرة؟ فهل خلقكم الله من أجل الجنّة ؟ وذلك مبلغكم من العلم التفكير في الجنّة والحور العين؛ بل قولوا: اللهم لا تبلونا بقتال النّاس برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إن هُداهم لهو أحبّ إلينا من أن نُقتلهم أو يقتلونا اللهم فحقِّق لنا هُدى النّاس وليس سفك دمائهم أو يسفكون دماءنا، وإن اعتدوا علينا وأجبرونا على قتالهم فحقق لنا ما وعدتنا وانصرنا عليهم نصرَ عزيزٍ مُقتدر، إنّك لا تخلف الميعاد.
ولكنّكم للأسف يا معشر المؤمنين تتمنّون الشر للنّاس أن يقتلونكم لكي تدخلوا الجنّة فتسبّبتم في مصيبةٍ لهم فأدخلهم الله النّار وأدخلكم الجنة؛ بل هم في النّار سواء قتلتموهم أو قتلوكم! إذاً أنتم لا تفكرون إلا في الجنّة.
ويا معشر المؤمنين، أفلا أدلّكم على نعيمٍ هو أعظمُ من جنّة النّعيم؟ وهو أن تسعوا إلى تحقيق نعيم رضوان نفس الله على عباده، أفلا تعلمون أنّهم حين يقتلونكم فيدخلكم الله جنّته فور قتلكم ولكنّ والله الذي لا إله غيره ولا معبودَ سواه ما حقّقتم السعادة في نفس ربّكم وأنّكم جلبتم إلى نفس الله الحسرة على عباده الكافرين، وقد علمكم بذلك في محكم كتابه. وقال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿١٣﴾ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴿١٤﴾ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴿١٦﴾ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
فانظروا يا أحباب قلبي المُسلمين وتدبّروا وتفكّروا كيف أنّ الله أدخل عبده المقتول في سبيله فور موته جنّته، وقال الرجل الذي قتله قومه لأنّه يدعوهم إلى اتّباع المُرسلين وعبادة الله وحده لا شريك له ثمّ قاموا بقتله: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم.
فانظروا لقول الرجل بعد أن أدخله الله جنّته فور قتله: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم، فسوف تجدون أنّ الرجل سعيدٌ جداً لأنّ الله أكرمه فنعَّمه فأدخله جنّته بغير حساب، ولكن هل كذلك ربه سعيدٌ في نفسه؟ كلا وربّي أن ربّي حزينٌ وليس سعيداً بسبب كفر عباده بالحقّ من ربّهم فيهلكهم فيدخلهم ناره من غير ظُلمٍ. وقال الله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
إذاً يا معشر المؤمنين، يا من تحبون الله الحُبّ الأعظم من جنّته ومن الحور العين ومن كُلّ شيء، فكيف تهنأون بالجنّة والحور العين وربّكم ليس سعيداً في نفسه؟ أفلا ترون ما يقول في نفسه من بعد أن يهلك عباده الكافرين بسبب الاعتداء عليكم فيدخلكم جنّته فإذا أنتم فرحين بما آتاكم الله من فضله وتستبشرون بالذين لم يلحقوا بكم من خلفكم ألاَّ خوف عليكم ولا أنتم تحزنون؛ ولكنّ الله حزين في نفسه؟ فهل حققتم السعادة في نفس الله؟ فوالله الذي لا إله غيره ولا معبودَ سواه إن كنتم تريدون أن تحققوا السعادة في نفس الله فلا تتمنّوا قتال الكافرين لتسفكوا دماءهم ويسفكون دماءكم، وإن أُجبرتم فاثبتوا واعلموا أنّ الله ناصركم عليهم، إنّ الله لا يخلف الميعاد.
ولكنّي أرى سفك الدماء هو أمنيتكم من أجل الجنّة، ولكنّكم حتّى ولو كنتم على الحقّ فلن تتحقّق السعادة في نفس حبيبكم الله ربّ العالمين حتّى تهدوا عباده فيدخلهم في رحمته معكم ومن ثمّ تتحقق السعادة في نفس الله، إن كُنتم تحبّون الله فلا تتمنّوا أن يقتلكم الكافرين لتفوزوا بالشهادة ولا تتمنّوا قتل الكافرين فإنّ ذلك لا يجلب إلى نفس الله السعادة حتّى ولو كنتم على الحقّ، وما أريد قوله لكم هو أن لا تتمنّوا أن تقتلوا الكافرين ولا تتمنّوا أن يقتلوكم فإن ابتليتم فاثبتوا، ولكنّي أراكم تتمنّون ذلك وتعيشون من أجل ذلك فيريد أحدكم أن يُقتل في سبيل الله وسوف يحقق الله له ذلك وأصْدِقِ الله يصدقك؛ ولكن أفلا تسألون عن حال ربّكم سُبحانه فهل هو فرحٌ في نفسه بما حدث؟ كلا وربّي، وقد أفتاكم الخبير بحال الرحمن من محكم القرآن وعلمتكم أنّه ليس فرحاً بذلك برغم أنّه راضٍ عنكم ولكنّه ليس فرحاً في نفسه بما حدث أن أهلك عباده الكافرين بسببكم وفاءًا لما وعدكم إنّ الله لا يخلف الميعاد، فإذا تدبّرتم في هذه الآيات المُحكمات سوف تجدون أنّ ما أقوله لكم هو الحقّ وسوف تجدون حالكم بالضبط كحال ذلك الرجل الذي قتله قومه فأدخله الله جنّته فور قتله فجعله مَلَكَاً كريماً من البشر أحياءً عند ربّهم يُرزقون فرحين بما آتاهم من فضله كما تعلمون ذلك في محكم الكتاب، ولكنّكم لا تسألون عن حال الله فهل هو كحالكم فرحٌ مسرورٌ أم أنّه حزينٌ وغضبانٌ ومُتحسرٌ على عباده الكافرين الذين أهلكهم من شدة غيرته على عبده المؤمن حبيب الرحمن الذي قال لقومه:
{قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
فإذا تدبّرتم وتفكّرتم فسوف تجدون أنّ هذا الرجل فرحٌ مسرورٌ وكذلك جميع الشهداء في سبيل الله فرحين. وقال الله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٧١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
فهذا حالكم بعد أن يدخلكم جنّته فيصدقكم ما وعدكم إنّ الله لا يخلف الميعاد، ولكن تعالوا لننظر حال الله في نفسه فهل نجده فرحاً مسروراً؟ وللأسف لم أجده في الكتاب فرحاً مسروراً؛ بل مُتحسِّراً وحزيناً. و يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
إذاً يا أحباب الله، إن ربّي لن يكون سعيداً ومسروراً في نفسه حتّى يجعل النّاس أمّةً واحدةً على صراط ٍمستقيم فيدخلهم في رحمته جميعاً ثمّ يكون ربّي فرحاً مسروراً في نفسه، وعليه فإنّي أشهدكم وأشهدُ الله وكفى بالله شهيداً أنّي الإمام المهديّ قد حرّمت على نفسي جنّة ربّي حتّى يتحقق لي النّعيم الأعظم من جنّته وهو أن يكون من أحببتُ راضياً في نفسه وليس مُتحسراً على عباده، فكيف يتحقّق ذلك ما لم يهدِ الله بالمهديّ المنتظر أهل الأرض جميعاً فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مُستقيم؟ فيتحقق النّعيم الأعظم من جنّته أن يكون الله راضياً في نفسه وليس مُتحسِّراً على عباده الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدُنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صُنعاً فيهديهم الله بالمهديّ المنتظر فيحقق له هدفه الذي يحيا من أجل تحقيقه، وذلك هو سرّ المهديّ المنتظر الذي يهدي الله من أجله أهل الأرض جميعاً فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مُستقيمٍ. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَلَوْ شَاء ربّك لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس:99].
{ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجّة الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [الأنعام:149].
{ وَلَوْ شَآءَ اللـه لَجَعَلَكُمْ أمّةً وَاحِدَةً } [المائدة:48].
{ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [النحل:9].
{ وَلَوْ شَآءَ اللـه لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } [الأنعام:35].
{ وَلَوْ شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [السجدة:13].
{وَلَوْ أَنَّ قُرءَاناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بل لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأْسِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَن لَوْ يَشَآءُ اللـه لَهَدَى النّاس جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِن دَارِهِمْ حتّى يأتي وَعْدُ اللـه إِنَّ اللـه لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد:31].
صـــدق الله العظيـــــــم
اللهم إنّي إليك أبتهل أن لا تهلكهم بقارعةٍ لكي تظهر عبدك ولكن اهدِهم إلى الصراط المستقيم إنّك على كُل شيءٍ قدير برحمتك يا أرحم الراحمين، وذلك ما أرجوه من ربّي إن ربّي سميع الدُعاء. فكونوا رحمةً للعالمين يا أنصار المهديّ المنتظر، واعلموا إنّما ابتعث الله جدّي مُحمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- رحمةً للعالمين.
ويا معشر المُسلمين، أقسمُ بالله العظيم الغفور الرحيم ذو العرش العظيم من يحيي العظام وهي رميم أنّي الإمام المهديّ المنتظر خليفة الله ربّ العالمين عبد النّعيم الأعظم ناصر محمد اليماني، ولم يجعل الله حُجّتي عليكم في القَسَم ولا في الاسم ولكن في العلم لعلكم تتقون. أفلا تعلمون أنّه يأتي للمُكرمين من اسمين اثنين في الكتاب؟ فأنتم تعلمون أنّ نبيّ الله إسرائيل أنّه ذاته نبيّ الله يعقوب عليه الصلاة والسلام وآله المُكرّمين والتّابعين للحقّ من بني إسرائيل، وأنتم تعلمون أنّ نبيّ الله أحمد هو ذاته نبيّ الله مُحمد خاتم الأنبيّاء والمُرسلين صلّى الله عليه وعليهم أجمعين وعلى آلهم الطيّبين الطاهرين وعلى التّابعين للحقّ إلى يوم الدين.
أخوكم في الدّم من حواء وآدم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
____________