الإمام ناصر محمد اليماني
07 - 02 - 1430 هـ
03 - 02 - 2009 مـ
09:55 مساءً
ـــــــــــــــــــ
الردّ بالحقّ من علم الهُدى على علم الجهاد ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحقّ إلى يوم الدين، وبعد..
ويا علم الجهاد، إنّي الإمام المهديّ الحقّ حقيق لا أقول على الله غير الحقّ ولا أفتي بالظنِّ الذي لا يُغني من الحقّ، وعليه فإني أُشهد الله وكافة ملائكته وكافة الصالحين من عباده من كُل جنسٍ من الجنّ والإنس أنّي أكفر بافترائك على الله بغير الحقّ بفتواك التي يهتز منها عرش الرحمن من شدّة غضبه من قولك:
اقتباس المشاركة :وكذلك الزاني فإنه لا يزني إلا إذا شاء الله وكتب الله عليه الزنا وليس أي مخلوق قادراً على الزنا إذا لم يكتب الله عليه بأن يزني فإن قلت بلى جعلت المخلوق قادراً على الخروج عن مشيئة الله ويفعل ما لا يشاءه الله
ومن ثم أفتاكم الله إنّ السوء والفاحشة والقول على الله بما لا تعلم من أمر الشيطان وليس من أمر الرحمن. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} صدق الله العظيم [النور:21].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} صدق الله العظيم [البقرة].
وذلك من وحي الشيطان وليس من وحي الرحمن وقال الله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:121].
وقال الله تعالى: {الله وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:257].
وقال الله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:30].
وقال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم} صدق الله العظيم [البقرة:268].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} صدق الله العظيم [البقرة].
أم إنّك لا تعلم ما هي مشيئة الله؟ أي ما يشاءُه الله سُبحانه. فكيف يشاء الله لعباده الكفر والزنا والسوء؟ سُبحانه وتعالى علواً كبيراً! بل لو شاء الله ما فعلوا ذلك، ولكن ليس كما فتواك؛ بل الحقّ أن لو يشاء الله ما فعلوا ذلك، وليس إنّ الله شاء ذلك الفعل سبحانه؛ بل لو يشاء ما فعلوا ذلك ولو يشاء لجعل الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. أما أعمال السوء فلا يشاء الله فعلها ولا يُحبّها ولا يرضاها ولو شاء لما فعلوا ذلك ولهداهم فلا يفعلون ذلك. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنس والجنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:112].
فأين الهدى يا علم الجهاد وأنت تنسب السوء والفحشاء أنّها بمشيئة الله كما يشاء؟ سُبحانه وتعالى علواً كبيراً! وأفتيناك بالحقّ إن كنت تريد الحق: إنّ الله لو يشاء لهدى الناس جميعاً فلا يعجزه ذلك، ولكن الله جعل ناموس الهدى أنه يهدي من يشاء الهدى من عباده. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم [النحل:93]؛ أي من يشاء الهدى من عباده.
وأما الذين لا يشاءون الهدى فيذرهم في طغيانهم يعمهون، ولا تستطيع أن تُنكر هذه الآية والتي أوردها علم الجهاد وأتانا بها من مُحكم القرآن ثم أوّلها بغير الحقّ وهي قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم [النحل:93].
وفي هذه الآية المُحكمة بيّنَ الله لكم المشيئة الربانيّة أنّه لو يشاء لجعلكم أمّةً واحدةً على الهدى ولكن يضلُّ من يشاء الضلال منكم ويهدي من يشاء الهُدى منكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:13].
ومعنى قوله تعالى: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي من يشاء الحقّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} صدق الله العظيم [العنكبوت:69]؛ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:13].
تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} صدق الله العظيم [الرعد:27]؛ أي من أبى أن يتبع سبيل الحقّ أضلّه الله على علمٍ منه أنّ عبده لا يشاء الهدى ويهدي إليه من يُنيب، وما كان الله ليضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتى يُبيّن لهم ما يتّقون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115)} صدق الله العظيم [التوبة].
ويا علم الجهاد، أشهدُ الله شهادة الحقّ اليقين أنّ الهدى بيد الله وحده لا شريك له. وقال الله تعالى: {قُلْ فَلِلَّـهِ الحجّة الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿149﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
فتدبر قول الله تعالى: {قُلْ فَلِلَّـهِ الحجّة الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿149﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
فما هي حجّة الله على العباد الذين لم يهدِهم الله من الذين سيقولون يوم القيامة: "لو أنّ الله هداني"؟ وهذه حجّة العبد على الربّ أنّه لم يهدِهِ. ولكن ما هي حجّة الله البالغة على العبد؟ وإليك الفتوى بالحقّ: إنّها عدم الإنابة إلى ربِّه الذي بيده الهدى وحده لا شريك له. فتلك هي حجّة الله البالغة على عباده الذين لم يهدِهم إلى الصراط المُستقيم.
ويا علم الجهاد إنّه بالعقل والمنطق إذا كان الله يُريد لعباده الكفر فأزاغ قلوبهم ليكفروا به من غير ظلمٍ واستكبار من عند أنفسهم، إذاً فالله ظالمٌ حسب فتواك يا علم الجهاد! ولكنّ الله ينفي أنّه يريد الكُفر لعباده ولا يرضاه لهم أبداً. وقال الله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} صدق الله العظيم [الزمر:7].
وإذا كان الله يشاء لعباده الذين كفروا الكفر ومن غير ظلمٍ من أنفسهم وكذلك الذين شاء الله لهم الهدى من غير سبب من أنفسهم فلِمَ يُحاسب الله عباده بشيء ليس لهم فيه من الأمر شيئاً؟ سبحانه! بل جعل لهم المشيئة الاختياريّة من عند أنفسهم لمن شاء منهم أن يستقيم، ولكن السؤال هو: هل هذا العبد الذي يشاء أن يستقيم سوف يستطيع أن يُحقق إشاءته من التمني إلى الفعل على الواقع الحقيقي؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ربّ العالمين (29)}صدق الله العظيم [التكوير]. فالمهم والأساس هو تحقيق المشيئة، فإذا لم يشأ الله تحقيق المشيئة على الواقع فلن تغني عني مشيئتي شيئاً أبداً.
ومُشكلة الذين لا يعلمون أنهم لم يفهموا بيان هذه الآية كما أنزلها الله بالحقّ وهي قول الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿27﴾ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿28﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ربّ العالمين ﴿29﴾} صدق الله العظيم [التكوير]؛ فلَمَا تفرِّقون بين المشيئتين وهي مشيئة العبد ومشيئة الربّ، فانظروا للفتوى الحقّ أنّه يوجد في هاتين الآيتين مشيئتان إحداهما بيد العبد والأخرى بيد الربّ، فأمّا مشيئة العبد فقد جعل الله له عقلاً يتفكر به ومن ثم يتخذ قراره، فإذا كان قراره عليه غمةً بعد أن فكّر وقدّر فقتل كيف قدر ومن ثم يزيده كفراً إلى كفره ويلعنه ويعذبه بالحقّ عذاباً مُهيناً، ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً. وأما إذا فكّر العبد فأجابه العقل والمنطق الذي جهزّه الله به أنّ الذي خلقه وصوّره في أيّ صورة ما شاء ركّبَه هو أولى بعبادته عما دونه، حتى إذا اتخذ قرار الاستقامة فهنا ليس إلا تمنيّاً ولا يستطيع أن يحقق منها شيئاً على الواقع الحقيقي إلا أن يشاء الله فيهدي قلبه إلى تحقيق الفعل مهما علم ومهما قرر ومهما آمن حتى ولو يتيقن أنّ الله حقٌ ورسوله حقٌ والبعث حقٌ والنار حقٌ والجنة حقٌ، ومع علمه علم اليقين بذلك تجد كثيراً من المُسلمين لا يُصلّون ولا يُزكّون ولا يعملون الصالحات، فهل أغنى عنهم علمهم؟ بل تراهم على صراط الكافرين؛ بل مُصيبتهم أعظم من مُصيبة الكافر الذي لا يعلم، وإن كنت لا تعلم فتلك مُصيبةٌ وإن كنت تعلم فالمُصيبة أعظمُ. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يستطيعون أن يهتدوا فيمشوا على صراطٍ مُستقيمٍ؟ إنها عدم الإنابة إلى الربّ يا علم الجهاد، لأنهم لم يشاءوا أن يستقيموا؛ بل يقولون: "لو شاء الله لهدانا إلى الصراط المُستقيم ذلك لأن الله يهدي من يشاء". ومن ثم يزيدهم فهمهم الخاطئ وتفسيرهم الخاطئ للقرآن رجساً إلى رجسهم فيموتون وهم كافرون، حتى وإن كانوا مُسلمين فلم يصدقوا إسلامهم بالعمل على الواقع الحقيقي. وأذكركم بقول الله تعالى: {قُلْ فَلِلَّـهِ الحجّة الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿149﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وهذا ردٌ على الذين يقولون لو شاء الله لصلّيت واتّقيت، ولكن الله لم يشأْ لي ذلك (افتراءً على الله)، بل العبد لم يشأ الهدى فينيب إلى ربه ليهدي قلبه، أما لو يشاء الله بقدرته أن يهديه بلا سبب منه فنقول: بلى إنّ الله على كُل شيء قدير تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ فَلِلَّـهِ الحجّة الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿149﴾}صدق الله العظيم [الأنعام]، ولكنه يهدي من يشاء الهدى إلى صراط مُستقيم.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
المُفتي بالحقّ علم الهدى الحقّ؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــ