شبهة صفة الحزن والحسرة في نفس الله
ويا أحبتي في الله إن كثيرا ممن علم بدعوة الإمام المهدي "ناصر محمد اليماني" أنكرها مباشرة لقراءته أو سماعه بالفتوى الحق بصفة الحزن والحسرة في نفس الله بحجة أنها صفة لتليق بذاته تبارك وتعالى,
فلا يواصل الإطلاع على بيانات النور... كما استعمل الكثير من من يصد عن دعوة الحق كشبهة لنسف دعوة الإمام المهدي "ناصر محمد اليماني".
وما أعرضه عليكم اليوم هي من الحجج والأدلة من كتاب الله لدحض هذه الشبهة وإعلاء كلمة الحق بتوفيق من الله وعونه رضي الله عنا وعنكم و أرضاكم..
*******************
صفات الله ليست نفسها الصفات على المخلوقين فانتبهوا يا أولي الألباب...
فاعلموا أحبتي أن لله صفات يحب أن يراها في عباده: الرؤوف- الحليم- الصبور.....
تصديقا لوصف الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ).
ووصف الله لرسوله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال :( إِنَّ إِبْرَاهِيم لَحَلِيم أَوَّاه مُنِيب ). وقوله على عباده : (وبشر الصابرين).
ولله صفات استخلصها لنفسه ولا يجوز لأحد أن يشاركه فيها لأنها صفات سوء وضعف في اتصف بها عباده مثلا : المنتقم- الجبار- المتكبر......
ويا أولي الألباب تعالوا نعرض بعضا من هذه الصفات حتى يتجلى لنا معنى صفة الحزن والحسرة في نفس الله,
وكل هذه الصفات هي صفات سوء وضعف مذمومة عند البشر لكنها صفات قوة وعزة وكبرياء محموده عند الله.
الجبار المتكبر: وَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) [الحشر[
المنتقم: فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) [إبراهيم[
الغضب : ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)
الكيد: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) [سورة الطارق]
المكر: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [سورة الأنفال: آية 30]
وهذا المكر والكيد المضاف إلى الله جل وعلا والمسند إليه ليس كمكر وكيد المخلوقين، لأن مكر وكيد المخلوقين مذموم، وأما المكر والكيد المضاف إلى الله سبحانه وتعالى فإنه محمود، لأن مكر وكيد المخلوقين معناه الخداع والتضليل، وإيصال الأذى إلى من لا يستحقه، أما المكر والكيد من الله جل وعلا فإنه محمود؛ لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها فهو عدل ورحمة.
المقت: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10 )
ونأتي الآن على بيان الحسرة والحزن في كتاب الله:
فالحزن والحسرة صفات ضعف على المخلوقين:
{فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} صدق الله العظيم [فاطر:8]
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} صدق الله العظيم [يوسف:84]
و حال الحزن والحسرة على الله فمحمود فهو من عظيم حلمه ورحمته سبحانه جل وعلا, تصديقا لقول الله تعالى:
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿29﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿30﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿31﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿32﴾} صدق الله العظيم [يس]
فلما أحزنوا الله تأسف عليهم وانتقم منهم كمثل آل فرعون, تصديقا لقوله تعالى:
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) [الزخرف]
معنى الأسف لسان العرب / الأَسَفُ: الـمُبالغةُ في الحُزْنِ والغَضَبِ.
فالله وصف حال حزنه في الكتاب "بالأسف" وأخفى حاله وهو العزيز الحكيم ذو العزة والكبرياء تعالى علوا كبيرا
تصديقا لقوله تعالى:
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) [الزخرف]
وعند وصولكم لهذه المرحلة من البيان والحجة قد يرجع المناظر معكم إلى التفسير الدارج لهذه الآية ومواصلة منه في انكار حال الحزن في ذات الله على عباده الكافرين فيقول :
إنما الأسف مقصود به الغضب " فَلَمَّا (أغضبونا) انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ"
قتقيمون عليهم الحجة بإذن الله من كتاب الله :
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) سورة الأعراف (150) صدق الله العظيم
ويتجلى بكل وضوح كيف فصل الله بين الصفتين (الغضب والحزن) بوصف حال نبي الله موسى صلوات الله وسلامه عليه فليس الغضب والحزن سواء وإلا ما ذكرا في كتاب الله تباعا .
فالحزن والحسرة صفات ضعف على المخلوقين فهذا الوصف مذموم وأما حال الحزن والحسرة على الله فمحمود فهو وصف الحلم والرحمة على العباد العاصين الذين أمهلهم ربهم وأجل لهم العذاب والله رؤوف بالعباد...
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين...