سلام الله على أحبّتي الأنصار السابقين الأخيار، و الله ما ذهبت لخطبة يوم الجمعة إلّا و خرجت منها و القلب المحزون على حال الأمّة بخطباءها و علماءها و روّاد مساجدها و كلّ جمعة و الإمام يخطب عن التوحيد و أركانه و هم أكثر من ضلّوا و أضلّوا عن التوحيد و بنوا للباطل صرحا و قالوا للنّاس: هذا الدّين و لا مساس.
تكلّم الخطيب و قال لا لتعظيم رسول الله صلى الله عليه و سلّم و ساق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلّم: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله. فرحت و قلت الحمد لله الذي أجرى الحقّ على لسان هذا الخطيب و لكن ماهي إلّا لحظات حتّى غلب عليه شركه و بدأ يُؤصّل و يُقرّر بما يعتقده و أصبح لسانه ينطق كفرا فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلّم أقرب عبد إلى ربّه و كلّ الخلائق دونه و جعل من ملزمات الإيمان أن تعتقد في هذا و إلاّ فإنّك كفرت بربّك ثمّ ليلهي النّاس بلهو حديثه بدأ يسبّ في عبّاد القبور و قال هؤلاء يعبدون رسول الله من دون الله و نسي أنّه يدعو النّاس لشرك مثله و صدق من قال: رمتني بداءها و انسلّت.
و الأعظم شركا من ذلك و الأمرّ الدّعاء ليشفع لنا رسول الله صلى الله عليه و سلّم بين يدي ربّنا فيعلوني و الله غضب شديد ثمّ أستغفر ربّي و أقول: اللّهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون.
و ختاما أوجّه كلامي للّذين ذروا كتاب الله وراء ظهورهم و قالوا لا يعلم تأويله إلّا الله و إلى الذين فرّقوا بين القرآن و بيانه و نسوا أنّ الذي أنزل قرآنه هو الذي أيضا أنزل بيانه و أقول لهم أنبؤوني بتأويل هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه و سلّم إن كنتم صادقين:جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه، نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع باللّه عليك، وبك على اللّه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "سبحان اللّه! سبحان اللّه! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك، أتدري ما اللّه؟ إن شأن اللّه أعظم من ذلك إنه لا يستشفع باللّه على أحد.
و صدق الله تعالى في قوله:وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ.
و أخشى أن يأتي من يقول هذا في الدّنيا و لكن في الآخرة شأن آخر و أقول بل كذبتم على الله و رسوله و صدق الله تعالى القائل: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
و صدق الله تعالى القائل: وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51).
و الله يا معشر الذين قالوا آمنّا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم و يا معشر الذين آمنوا بالقرآن رسما و غنّة و إدغاما و قلقلة و كفروا به بيانا و علما لنجاهدنّكم بالقرآن جهادا عظيما و لنطعنّن صرح الباطل في قلبه بسلاح الحقّ البتّار طعنة نجلاء فنجعله زهوقا.