الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 07 - 1429 هـ
28 - 07 - 2008 مـ
11:31 مساءً
ــــــــــــــــــــــ
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } صدق الله العظيم ..
إلى الضارب وإلى جميع علماء المسلمين، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، السلام علينا وعلى جميع المسلمين التابعين للحقِّ إلى يوم الدين، ولا أفرق بين أحد من رسل الله وأنا من المسلمين، وبعد..
ويا معشر علماء المسلمين، إنّي أدعوكم إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله الحقّ، حقيقٌ لا أقول على الله بالبيان للقرآن غير الحقّ وأصدّقُ بالحقّ وأكذِّب الباطل المخالف للحقّ، وأشهد لله شهادة الحقّ اليقين بأنّ عقيدتكم في عذاب القبر غير الحُكم في كتاب الله وتخالف له عقيدتُكم الموضوعة بمكرٍ من الطاغوت وأوليائه وذلك حتى يصدّوا عن الإيمان بالعذاب من بعد الموت! ولكني المهديّ المنتظَر الحقّ من ربكم أشهد بالعذاب لمن يشاء الله من الكفار من بعد الموت مباشرةً فيُدخله الله نار جهنم وساءت مصيراً، ولكن بالروح فقط والروح من أمر ربّي ولا تحيطون بها علماً. وقد أخبركم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنّه مرّ على أهل النار بطريق معراجه فشهدهم في النار يتعذّبون في كوكب النار دون السماء وفوق الأرض ومن ثمّ واصل المعراج هو وأخيه جبريل عليهما الصلاة والسلام حتى وصلا سدرة المنتهى للمعراج فوجد عندها جنة المأوى والسابقون فيها.
إذاً يا معشر علماء الأمّة لقد أصدق الله نبيَّه بالحق على أن يُريَه النار التي وعد بها الكفار بعين اليقين، وكذلك يُريَة الجنّة التي وعد بها الأبرار بعين اليقين من قبل مماته عليه الصلاة والسلام، وعده الله أن يُريَه من آيات ربه الكبرى ومنها النار التي وعد بها الفجّار والجنّة التي وعد بها الأبرار.
وأنا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم أشهد بأنّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُسري به بالروح والجسد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى عند مليك مقتدر، وذلك الحدث الجلل العظيم جاء تصديقاً لوعد الله لنبيّه عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
وتصديقاً لهذا الوعد أُسري بمحمدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم شاهد النار التي وعد بها الفجار فوجد فيها المجرمون يتعذّبون، ومن ثمّ واصل المعراج حتى شاهد الجنّة التي وعد الله بها الأبرار، فوجد من وجد فيها من المكرمين السابقين وذلك تصديقاً لوعد الله في قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
فتعالوا يا معشر علماء الأمّة لننظر في القرآن أين يتعذّب الكافرون، هل في قبورهم كما تزعمون، أم في نار جهنم ذاتها؟ وقال الله تعالى:
{هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴿٤٩﴾ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴿٥٠﴾ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴿٥١﴾ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴿٥٢﴾ هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿٥٣﴾ إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴿٥٤﴾ هَٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ﴿٥٥﴾ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٥٦﴾ هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴿٥٧﴾ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴿٥٨﴾ هَٰذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴿٥٩﴾ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴿٦١﴾ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ﴿٦٢﴾ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴿٦٣﴾ إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿٦٦﴾ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [ص].
وإلى البيان الحقّ، حقيقٌ لا أقول على الله بالبيان للقرآن غير الحقّ وآتيكم به من ذات القرآن، فتدبّروا يا معشر علماء الأمّة ما جاء في هذه الآية الجليّة للمتدبِّرين والمتفكِّرين، فأمّا قول الله تعالى:
{هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴿٤٩﴾ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴿٥٠﴾ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴿٥١﴾ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴿٥٢﴾ هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿٥٣﴾ إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴿٥٤﴾ هَٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ﴿٥٥﴾ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٥٦﴾ هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم، فذلك كما بيَّن الله لكم عذاب الكفار ليوم الحساب، ومن ثم انتقل الكلام بالخبر عن العذاب الآخر وهو عذاب البرزخ من بعد الموت وقبل البعث. وقال الله تعالى:
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴿٥٨﴾ هَٰذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴿٥٩﴾ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴿٦١﴾ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ﴿٦٢﴾ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴿٦٣﴾ إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿٦٦﴾ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم.
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} وهو العذاب الآخر البرزخي إلى يوم البعث، {هَٰذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} وقال ذلك خزنة جهنم للذين في النار من الذين كذبوا بالحقّ وأهلكهم الله فأُدخلوا ناراً كمثل قوم نوح وقوم موسى وقال عن قوم نوح: {مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ أَنصَارًا ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [نوح].
وقال تعالى عن قوم موسى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴿٤٥﴾ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [غافر].
ومن ثمّ قالت الملائكة من خزنة جهنم لمثل هؤلاء القدامى قالوا: {هَٰذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} فأخبروهم بضيوف جُددٍ من الأمم التي كذّبت برسل ربّهم من بعدهم ولكن القدامى لم يرحبوا بالضيوف الجُدد وقالوا: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ}، ومن ثم ردّ عليهم الضيوف الجُدد وقالوا: {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ}، ومن ثم دعوا جميعاً وقالوا: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}، ومن ثم تلفت الواصلون الجُدد لينظروا هل يرون الذين صدّقوا برسل ربِّهم وقاموا بقتلهم لأنّهم يذكرون آلهتهم بسوء فقاموا بقتلهم؟ ولذلك بحثوا في أهل النار هل يجدونهم معهم، فلم يجدوهم لأنهم شهداء في جنّة المأوى ضيوف الرحمن الخالدين، ولذلك لم يجدوهم مع أهل النار، ولذلك قالوا:
{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ﴿٦٢﴾ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴿٦٣﴾ إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿٦٦﴾ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾}، فأستنبط لكم موقع النار من هذه الآية بأنّها من فوق الأرض وتجدون الحق في قول الله تعالى:
{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم، فتدبروا: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} صدق الله العظيم، إذاً النار في الفضاء الكونيّ من فوق الأرض وقد أخبركم الله بذلك، وقال تعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} صدق الله العظيم. إذاً صدقت الرواية الحقّ في أنّ محمداً رسول الله قال إنه مرَّ على أصحاب النار ليلة المعراج فوجدهم يتعذّبون في النار، وكان يسأل أخاه جبريل وقال: من هؤلاء يا أخي يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين كذّبوا برسل ربهم واستكبروا عن آياته وكانوا يفعلون كذا وكذا.
ويا معشر المُفسِّرين يا من تقولون على الله ما لا تعلمون، ما خطبكم تقولون بأنّ معنى قوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}؛ أي اختصام الملائكة! فما خطبكم تحرِّفون كلام الله عن مواضعه؟ وما جزاء من يفعل ذلك إلا عذاب المفترين على ربِّهم بغير الحقّ الذي يقصده. فهل وجدتم بأنّ الذين يتخاصمون في هذا الموضع أنّهم الملائكة حتى تقولوا على الله الكذب بالبيان غير الحق؟ ألم يحذِّركم الله أن تقولوا عليه ما لا تعلمون؟ وإن ذلك من أمر الشيطان أن تقولوا على الله ما لا تعلمون، ولكن الله حرَّم عليكم ذلك أن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
ويا معشر المسلمين، إنّي أنا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربِّكم أشهد أنّ العذاب من بعد الموت للمجرمين المكذّبين على الروح من دون الجسد ولا فرق في الحريق شيئاً، وكما أفتيناكم بأنّ أهل النار الذي كذبوا برسل ربّهم يدخلهم النار فور موتهم، ولكنّنا الآن نُفتي بأنّه على النفس من دون الجسد؛ بل ويدخلون النار في نفس يوم موتِهم خصوصاً الذين كذّبوا على ربِّهم؛ يدخلون يوم موتهم نار جهنم. وقال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:٩٣]. إذاً العذاب على الروح من دون الجسد كما فصّل الله لكم ذلك في القرآن المحكم، أفلا تعقلون؟
ويا معشر علماء الأمّة، إنما فرية عذاب القبر في حفرة السوءة من قِبَل أعداء الله إنما للتصدية عن سبيل الله وذلك لأنهم يعلمون بأنّ الملحدين سوف يبحثون عن هذه الحقيقة في قبر السوءة فلا يجدون بأنها تحطّمت أضلاعٌ ولا أي شيء مما يعتقده المسلمون، ثم يَخرجون بمزيدٍ من الكفر فيعتقدون بأنّ المسلمين على ضلالٍ مبينٍ وما أنزل الله بهذا الدين الإسلامي من سلطانٍ! فنجح أعداء الله نجاحاً كبيراً في تصدية الناس عن الإسلام بفِرية عذاب القبر، ولولا فرية عذاب القبر لدخل الإسلامَ ملياراتُ الأمم، فحسبي الله على الذين يقولون على الله ما لا يعلمون.
وقد أفتيتكم بالحقّ بأنّ العذاب من بعد الموت على النفس من دون الجسد ويُلقى بها في نار جهنم، وذلك هو العذاب البرزخي من بعد الموت وقبل البعث، أفلا ترون بأن الحقّ جاء موافقاً لما في الروايات السُّنية الحقّ عن محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه مرَّ بأهل النار ليلة الإسراء والمعراج فوجد أهل النار يتعذّبون في نار جهنّم جميعاً وليسوا أشتاتاً في قبورهم ولم يعرج في المقابر، أفلا تعقلون؟ فكيف تؤمنون بالحقِّ وبالباطل معاً؟ ذلك لأنّكم تصدّقون بأنّ محمداً رسول الله مرّ على أهل النار ليلة الإسراء والمعراج وشهد عذابهم جميعاً وليسوا أشتاتاً ومن ثم تعتقدون عقيدةً مخالفةً لذلك بأنّهم يتعذبون في قبورهم، أفلا تعقلون؟ ولا يزال لدينا الكثير في هذا الشأن للممترين بغير الحقّ.
ويا معشر علماء الأمّة، من كان له أيّ اعتراضٍ على بياني هذا في شأن إثباتِ العذاب من بعد الموت ونفي العذاب أنّه في حفرة السَّوءة ليست إلا سُنّة غراب بادئ الأمر ليريَكم الله كيف تواروا سوءة أمواتِكم من بعد الموت من نهش الكلاب والذئاب فتسترونها في حفرةٍ ليس إلا، وجعل أعداء الله من ذلك أسطورة لأنّهم يعلمون بأنّ الباحثين في الأمم لن يجدوا شيئاً.
وأحذّر الذين يَعرضون لنا جُثثاً احترقت في سيارة أو غيرها أو يجدونها محروقة في قبرٍ هي أصلاً وضعت محروقة من بادئ الأمر وسبب الموت، ولكنكم أضررتم الدِّين أكثر مما نفعتموه، وسوف يبحث الملحدون عن ذلك والباحثون عن الحقيقة ومن ثم لا يجدون ممّا تقولون في عذاب القبر شيئاً ومن ثم يكون ذلك صدٌّ عن الإيمان بالحقّ، أفلا تعقلون؟
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
المُفتي بالحقّ المهديّ المنتظَر الإمام ناصر محمد اليماني .
_______________