قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ
قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ
وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ
إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.سورة الصافات
إنّ القارئ لهذه الآيات من سورة الصافات يتبيّن أنّ المصدق المتنعم في جنات النعيم يعيب على المكذب قوله بانهم غير ميتين الا موتتهم الاولى وبانهم غير معذبين. اي انه ثبت له ولقرينه المكذب ان هناك اكثر من الموتة الاولى .
إنّ المكذبين قد تحدّوا رسل ربّهم و عجبوا من إحياء آباءهم الأوّلين.
إِنَّ هَؤُلاء لَيَقُولُونَ
إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ
فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.سورة الدخان
بل و زاد تعجّبهم و إنكارهم للبعث الأوّل لانهم لايرفضون مقولة البعث الآخر في عالم تنتهي فيه هذه الارض والسماء ويحاسب الناس ، ولكن التكذيب على البعث من نفس الارض ومن نفس العظام والرميم قبل ان تبدل الارض غير الارض وقبل ان تطوى السماوات والارض طي السجل للكتب ولهذا تجد التكذيب ياتي من ناس تؤمن بالله كما في قولهم في آيه 38 سورة النحل:
((وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون (نحل38 ))
حيث نرى انهم يقسمون بالله لاغير ,اي انهم يؤمنون بالله ..فهل تجد في الناس من يؤمن بالله ثم يقسم بالله جهد ايمانه على عدم وجود حياة أخرى.فالمسألة مسألة تكذيب و تعجّب فانظر إلى قوله تعالى في سورة الصافات:وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ
قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.
قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون.سورة الجاثية
إنّ هذه السورة جاءت إجابة للذين قالوا في قوله تعالى:ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين.سورة المؤمنون
وقوله تعالى يُؤكد هذه الحقيقة أنّ هناك موتتين و حياتين و بإقرار من الكافرين في الآخرة:قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل.سورة غافر.
و لكنّ هذا البعث الأوّل ليس لكلّ الأوّلين بل استثنى الله منه المؤمنين المنعّمين إنّما جعله الله للمكذّبين فالذّين آمنوا لا يموتون إلّا موتة واحدة و وقاهم ربّهم عذاب الجحيم.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ
فَضْلا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.سورة الدخان.
لقد بيّن الإمام الناصر محمد اليماني مسألة البعث الأوّل و قد كنّا في غفلة عنها و لولا فضل الله علينا و رحمته ببعثه خليفتنا إلينا لاتّبعنا الشّيطان إلاّ قليلا فلقد أضلّنا عن الذّكر بعد إذ جاءنا و ٱفترى على رسولنا صلوات ربّي و سلامه عليه حتّى لا نتدّبر القرآن.كتبت هذه الأسطر لأنّي صلّيت العشاء خلف إمام قرأ بنا بعض الآيات من سورة الدخان فاستشعرت عظيم فضل الله عليّ و خشع قلبي لسماعها لمّا تبيّن لي الحقّ من ربّي فقلت الحمد لله أن بعث الله إلينا الناصر محمد اليماني ناصرا لدين الله و مرشدا لأمّة أحمد بعد ضلالتها و الحمد لله أن جعلني و إيّاكم يا صفوة خلق الله في عصر الحوار من قبل الظّهور أنصارا لله و لأولياءه المتّقين.